responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان    جلد : 1  صفحه : 119


وما عانى النبي كل هذا الا لأجل دعوته ، لقد كان من الممكن أن يعيش حياة أخرى ، تختلف كل الاختلاف عن الحياة البائسة التي عاشها في سبيل رسالته ، ولقد عرضت عليه ، حين كان بمكة ، عروض مغرية تكفل له العيش الرخي ، والمجد السني ، فأوفد اليه رؤساء قريش عتبة بن ربيعة ، الذي جاء ليقول له :
يا ابن أخي ، انك منا ، حيث قد علمت من البسطة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وانك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت به جماعتهم ، فاسمع مني ، أعرض عليك أمورا ، تنظر فيها ، لعلك تقبل منها بعضها . فقال له : قل يا أبا الوليد أسمع ، قال : يا ابن أخي : ان كنت انما تريد ، بما جئت به من هذا الامر ، مالا ، جمعنا لك من أموالنا ، حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا ، سودناك علينا ، حتى لانقطع أمر دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ، ملكناك علينا : وان كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه . حتى إذا فرغ عتبة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال :
أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ ، قال نعم ، قال :
فاستمع مني ، فقال : أفعل . . . فقرأ عليه الآيات الأولى من سورة ( فصلت ) ، فلما وصل إلى قوله تعالى : ( مثل صاعقة عاد وثمود ) أمسك عتبة على فيه ، وأنشده الرحم ان يكف [1] .
* * * وفي المدينة المنورة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم رئيسا لدولة المسلمين ، وكان يتمتع بمساعدين مثاليين ، يبذلون حياتهم لأجله ، ولم يعرف لهم نظراء على مدى التاريخ ، ولكن الوقائع التاريخية أثبتت أنه ؟ حتى في أخر أيام حياته ، حين أظلت رايته الجزيرة العربية كلها ؟ بقي رجلا عاديا ، غير ملتفت إلى شهوات الدنيا ومغرياتها ، حتى لحق بالرفيق الأعلى .
وقد روى سيدنا عمر بن الخطاب أنه دخل حجرة النبي صلى الله عليه وسلم : فإذا هو مضطجع على رمال حصير ، ليس بينه وبينه فراش ، قد أثر الرمل بجنبه ، متكئا على وسادة حشوها ليف . . قلت : يا رسول الله أدع الله ، فليوسع على أمتك ، فان فارس والروم قد وسع عليهم ، وهم لا يعبدون الله . فقال : أو في هذا أنت ، يا ابن الخطاب ؟ أولئك عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ، وفي رواية ، أما ترضى عن أن تكون لهم الدنيا ، ولنا الآخرة [2] .



[1] سيرة ابن هشام 1 / ؟ 313 314 .
[2] متفق عليه .

119

نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان    جلد : 1  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست