responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : السيد محسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 63


هي القول بعدالة ما يزيد عن مائة ألف وتقديسهم لأنهم سموا صحابة وقبول حديثهم جميعا فإذا وصل السند إليهم لم يبحث إلا فيمن قبلهم ، وعدم جواز نقدهم ولا التكلم فيما شجر بينهم . هذا هو الذي جر على الناس البلاء وجعلهم يذلون ويخضعون خضوعا مطلقا للظلم والفساد ويرضون به ولا يرفعون صوتهم بالنقد ولا يستنكرون بالقلب .
قال [1] : وهذا النظر الشيعي إلى الامام يلقي على تاريخ الفاطميين وعلى كل الدول الشيعية ضوءا قويا فتعرف السر لم كان يخضع الناس للخلفاء وكيف ينظرون إليهم نظر تقديس وكيف كانت تقابل أعمالهم مهما جارت وظلمت بالقبول والاستحسان واستشهد لذلك بأبيات من شعر ابن هانئ الأندلسي في المعز .
ونقول : خضوع الناس للخلفاء والملوك إنما هو لكون السيف بأيديهم ، شيعة كانوا أم غيرها ، هذا هو السر فيه لا السر الذي زعم أنه عرفه من إلقاء النظر الشيعي إلى الامام ضوءا على تاريخ الفاطميين والدول الشيعية ، فان الحال في جميع الدول واحد ، فالدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية التي رأيناها كانت غير شيعية وكانت الناس تخضع لها وتقابل أعمالها الجائرة مهما بلغت بالقبول والاستحسان ولا يستطيع أحد أن يتناولها بنقد أو إنكار ، والدولة الفاطمية وكل الدول الشيعية لم يكن خضوع الناس لها زائدا عن خضوعهم لهذه الدول .
أما أشعار ابن هانئ فكاشعار سائر الشعراء الذين يمدحون للهى في مبالغاتهم وإن كان ابن هانئ زاد على ذلك بما لا يستحسن . هذا الفرزدق يمدح ملوك بني أمية ويبالغ في مدحهم فيقول في هشام :
دعوت أمين الله في الأرض دعوة * ليفرج عن ساقي خير الخلائف فيا خير أهل الأرض إنك لو ترى * بساقي آثار القيود النواسف وهذان أبو تمام والبحتري يمدحان ملوك بني العباس ويبالغان في مدحهم فيقول أبو تمام في المعتصم :
فبين أيامك اللاتي نصرت بها * وبين أيام بدر أقرب النسب ويقول في الواثق :
هي بيعة الرضوان يشرع وسطها * باب السلامة فأدخلوا بسلام ويقول في المأمون :
الله أكبر جاء أكبر من جرت * فتعثرت في كنهه الأوهام من لا يحيط الواصفون بوصفه * حتى يقولوا وصفه إلهام ويقول في ملوك بني العباس :
فيهم سكينة ربهم وكتابه * وإمامتاه واسمه المخزون ويقول البحتري في المتوكل :
نصلي وإتمام الصلاة اعتقادنا * بأنك عند الله خير إمام ويقول فيه :
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا * لما طلعت من الصفوف وكبروا ويقول فيه :
وشبيه النبي خلقا * وخلقا ونسيب النبي جدا فجدا ثم قال : وازن بين قوم يرون أن إمامهم أحد الناس وقوم يرون أن إمامهم معصوم وأنظر كيف يسعد الأولون وتتحرر عقولهم ويخشاهم إمامهم ويسعون دائما نحو الكمال بما يثيرون من نقد ويعالجون من إصلاح وكيف يفسد أمر الآخرين وتشل عقولهم ويتدهورون في شؤونهم [2] . لكنه ما برح أن أجاب نفسه بنفسه وكفانا مؤونة الجواب فقال : إن أهل السنة يؤاخذون مؤاخذة شديدة على أنهم لم يطبقوا نظريتهم تطبيقا جريئا [3] فلم ينقدوا الأئمة نقدا صريحا [4] ولم يقفوا في وجوههم إذا ظلموا ولم يقوموهم إذا جاروا بل استسلموا لهم استسلاما معيبا فجنوا بذلك على الأمة أكبر جناية الخ .
ونقول : بل زادوا على ذلك والتمسوا لهم الاعذار [5] .
قال : [6] ومما ردوا به عليهم ما عن علي في الكافي أنه قال لأصحابه لا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فاني لست آمن أن أخطئ وما روي أن الحسين كان يظهر الكراهة من صلح أخيه الحسن مع معاوية ويقول : لو جز أنفي كان أحب إلي مما فعله أخي .
ونقول : لا ندري مبلغ هذه الرواية من الصحة فلم تتسع فرصتنا الآن لمراجعتها وعلى فرض ثبوتها فليست العصمة علم الغيب بل هي عن الذنوب وقد أراد النبي ص أن يعطي ثلث ثمار المدينة لغطفان يوم الخندق وكتب بينه وبينهم في ذلك كتابا فسأله رؤساء الأنصار أ ذلك أمر من الله أم هو الرأي والتدبير فقال بل هو الرأي والتدبير ، أو كما قال ، فلم يرضوا فرجع إلى رأيهم ومزق الكتاب واستشار أصحابه يوم أحد في الخروج عن المدينة أو البقاء فرغب الأكثر في الخروج وكان رأيه البقاء فوافقهم وخرج ولم يلزمهم بالبقاء ولو كانت الدنيوية كالدينية لألزمهم . وعاتب الله تعالى على أخذ الفداء يوم بدر بقوله ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى



[1] ضحى الإسلام ج 3 ص 223 الطبعة الثالثة .
[2] هذا الذي ذكره احمد أمين هو من أشد ما ذكره ظلما واعتسافا ، فالتشيع هو الذي علم الناس مقارعة الطلم ومكافحة الظالمين ، وظلم الحاكمين . وغلطة احمد امين إنه ينظر إلى أئمة الشيعة كما ينطر إلى أصحاب السلطان فيحسب إن الشيعة ينسبون إلى مثل هؤلاء العصمة في حكمهم وتصرفاتهم ، ولذلك قال فيما تقدم أن لهم أعظم من سلطة الباباوات ، في حين أن الأئمة الاثني عشر فيما عدا أمير المؤمنين وولده الحسن لم يمارسوا حكما ولم يتوالوا سلطة ، بل كانوا حملة علم ودعاة تثقيف ورجال هداية وارشاد ، فلا مجال لقول ما قاله في هذا المقام ، وعندما يقول اليسعة بعصمة هؤلاء الأئمة لا يقولونها كما تقامل للباباوات الذين كانوا في نفس الوقت حكاما وملوكا ، واما يقولونها وهم يعون أن آراء أئمتهم في الدين وفتاواهم في الشرع آراء مأخوذ بها معمول بمضمونها وهي الفيصل في كل خلاف ونقاش . وقد أثبت الأئمة الاثنا عشر في تاريخهم انهم كانوا أكفياء هذه الثقة العظمى ، وانهم كانوا في العلم والصلاح في الدرجة التي لا تبعدهم قيد شعرة عما يصفهم به اتباعهم من أنهم أكمل أهل زمانهم المعصومون في احكامهم واعمالهم . ومهما كان رأي احمد امين وغير احمد امين في هذا ، فان هذا أفضل الف مرة م القول بعدالة جميع الصحابة ، اي بعدالة الألوف ممن رأى النبي ، واعطائهم صفة لا تقل عن العصمة ، وممن يرون التسليم لكل سلطة والخضوع لكل حاكم مهما اتصفت به هذه السلطة وهذا الحاكم من جور وفساد وانحراف ، ويرون الخروج على هذا اللون من الحكم شقا لعصا المسلمين وإثارة للفتن ، وقد كفانا احمد أمين نفسه القول بما ذكره بعد هذا الكلام عمن لم يأخذوا بآراء الشيعة كيف كانت مواقفهم من السلطات والمتسلطين . ومن العجيب أن أحمد امين حين يذكر المعتزلة وآراءهم يعجب بها ويأسف على انقراضهم ، وينسى أن هذا الذي يعجب به من آراء المعتزلة هو نفس ما وافقوا فيه الشيعة واتفقوا معهم عليه وان الشيعة لا يزالون بهذه الآراء ، وسواء كان الآخذ هم الشيعة من المعتزلة أو المعتزلة من الشيعة فإن الفريقين متفقان ، فما باله يذكر هذا الفضل للمعتزلة ولا يذكره للشيعة . وينسى احمد امين ما في الفقه الشيعي من تقدمية وانطلاق أصبحت في هذا العصر القدوة التي تحتذى ، فمن ذلك مثلا آراء الشيعة في الطلاق وهي الآراء التي تعمل بها اليوم المحاكم المصرية ويرجع إليها كثير من المسلمين الذين يقعون في ورطات مردية . وينسى كذلك أن الشيعة لم يمنعوا الاجتهاد بل اطلقوه . " الناشر " .
[3] ولا غير جرئ .
[4] ولا غير صريح .
[5] بل واعتبروهم مجتهدين فيما ارتكبوه فلهم على ذلك أجر واحد .
[6] ضحى الإسلام ج 3 ص 227 الطبعة الثالثة .

63

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : السيد محسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست