نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 296
أيام . عمّر هذه الزاوية أحد ملوك التركمان . ونزلنا في هذه المدينة بزاوية الفتى أخي شمس الدين من كبار الفتيان . ووافقنا عنده يوم عاشوراء . فصنع طعاماً كثيراً ودعا وجوه العسكر وأهل المدينة ليلاً وأفطروا عنده وقرأ القراء بالأصوات الحسنة وحضر الفقيه الواعظ مجد الدين القونوي . ووعظ وذكر وأحسن ثم أخذوا في السماع والرقص . وكانت ليلة عظيمة الشأن . وهذا الواعظ من الصالحين يصوم الدهر ولا يفطر إلا في كل ثلاثة أيام ولا يأكل إلا من كدّ يمينه . ويقال : إنه لم يأكل طعام أحد قط ولا منزل له ولا متاع إلا ما يستتر به ولا ينام إلا في المقبرة . ويعظ في المجالس ويذكر فيتوب على يديه في كل مجلس الجماعة من الناس . وطلبته بعد هذه الليلة فلم أجده وأتيت الجبانة فلم أجده . ويقال : إنه يأتيها بعد هجوع الناس . حكاية الفقير الذي مات لما حضرنا ليلة عاشوراء بزاوية شمس الدين وعظ بها مجد الدين آخر الليل . فصاح أحد الفقراء صيحة غشي عليه منها . فصبوا عليه ماء الورد فلم يفق فأعادوا عليه ذلك فلم يفق واختلفت الناس فيه فمن قائل إنه ميت ومن قائل إنه مغشي عليه . وأتم الواعظ كلامه وقرأ القراء وصلينا الصبح وطلعت الشمس فاختبروا حال الرجل فوجدوه فارق الدنيا رحمه الله . فاشتغلوا بغسله وتكفينه . وكنت فيمن حضر الصلاة عليه ودفنه . وكان هذا الفقير يسمى الصياح . وذكروا أنه كان يتعبد بغار هنالك في جبل . فمتى علم أن الواعظ مجد الدين يعظ قصده وحضر وعظه ولم يأكل طعام أحد . فإذا وعظ مجد الدين يصيح ويغشى عليه ثم يفيق فيتوضأ ويصلي ركعتين . ثم إذا سمع الواعظ صاح يفعل ذلك مراراً في الليلة وسمي الصياح لأجل ذلك . وكان أعذر اليد والرجل لا قدرة له على الخدمة وكانت له والدة تقوته من غزلها . فلما توفيت اقتات من نبات الأرض .
296
نام کتاب : أدب الرحلات ( رحلة ابن بطوطة ) نویسنده : ابن بطوطة جلد : 1 صفحه : 296