نام کتاب : أخبار الزمان نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 49
فأنفق المؤمن ماله في وجوه البر حتى باع حصته منا من أخيه ، وفرق الذي أخذ بها في وجوه البر فأفلحها ، وزاد فيها عروشا كثيرة ، وأجرى فيها أنهارا ، وبني فيها بنيانا ، واحتاج أخوه إلى ما في يده فكان يمنعه ويفتخر عليه بما له ، من المال والجنة فخاطبه أخوه في بعض الأيام مبسطا عليه فقال له : أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ، فقال له أخوه : فما أراك شاكرا لله تعالى على ما أعطاك ، ويوشك أن ينزع ذلك منك ، ويقال إنه دعى عليه فغرق ماء البحر جميع ما كان له في ليلة واحدة حتى كأن لم يكن قبل ذلك . وقيل إن هذين الرجلين اللذين ذكرهما الله تعالى في كتابه فقال ( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين إلى قوله أحدا ) وكانت تنيس عظيمة ، لها مائة باب وباقي ذكرها عند ذكر مدائن مصر إن شاء الله تعالى . وقيل إن بحيرة تنيس تعذب وقت مجئ النيل وتقيم ستة أشهر حلوة ثم تملح وبالقرب ( منها ) عين لا يخرج ماؤها إلا عند أوقات الصلوات فيتوضأ منها ثم تفيض لذلك عند وقت كل صلاة ، وهي معروفة تسمى عين الأوقات . ولأهل الهند نهر عظيم معهم [1] عليه شجرة باسقة من حديد أو نحاس وتحتها وعمود من نحاس أو حديد مثبت في الأرض مائل إلى الماء طوله على الأرض عشرة أذرع وعرضه نحو الذراع ، ويزيد قليلا ، في رأسه ثلاث شعب غلاظ مستوية محدودة كالمنار ، وعنده رجل يقرأ كتابا ويقول للنهر : يا عظيم البركة ، وسيل الجنة ، أنت الذي خرجت من عين الجنة ، ودللت الناس عليها فطوبى لمن صعد هذه الشجرة وألقى نفسه على هذا العمود ، فينتدب الواحد لذلك والعدة ممن حوله ويصعدون على تلك الشجرة ، ويلقون أنفسهم .