نام کتاب : أخبار الزمان نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 175
وكثرة علمك عارفون ، ولم يكن في قدر الجناية التي جنت عليك قدر ما فعلته من الاضرار بأهل بلدك الذي أنت منهم ، ولا في الواجب أن تهلك عالما كثيرا من الناس لجناية جناها عليك مناوس ، ولا يجب على ملكنا وملك اليوم الذي عهده لازم لنا ولك من فعل أبيه بك وبسواك عقوبة . ولسنا نأمن أن تسلب علمك وتصير إلى أقبح عملك ، فتهلك مذموما وتمضي غير مفقود ، فلم يزالوا به حتى أجابهم إلى ما أرادوه ، وكتبوا بذلك إلى الملك فكتب له أمانا وجدد له عهدا ورجع إلى ما كان من طاعة الملك وحسن رأيه فيه . وردت إليه امرأته فأكرمها وردها إلى قصر الملك وعرفهم أنه لا يرى في دينه أن يلامس امرأة لامسها الملك على حال من الأحوال ، لما كانوا يرعون من طاعة الملوك ويعظمون من حقوقهم ، فسر الناس بذلك وعجبوا من عقله وحكمه وصلح الملك والناس وعمل لهم أجناس هذا عجائب وطلسمات كثيرة . وملكهم افراؤس أربعا وستين سنة ، وهلك وليس له ولد ولا أخ ، فدفن في الهرم وجعلت معه أمواله وذخائره وجوهره والصنائع التي عملت في وقته . واجتمع الناس على تمليك رجل من أهل المملكة يقال له ارمافيوس [1] فلما ملك أمر بجمع الناس إليه ، فلما اجتمعوا بين يديه قال لهم : إني أرى من حولكم من الأمم مسارعة إليكم وغالبة على عداوتكم وأنا مانع بلدكم منهم وحام دياركم ودماءكم وقد تطرفت نواحيكم ويوشك أن تسير إليكم وأنا أريد