بينما واصلت حديثي ، وكأني لم أسمع منه أيّما تعليق أو سؤال : - " . . وإن الفرصة - بذهاب النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إلى الرفيق الأعلى - قد حانت ، فأرادت أن تسخر الفرصة وتنتهز تلك الفوضى قبل أن يعود الإسلام إلى قوة وإنتظام " . - " وعليه ، ما الذي كان قد صنعه علي بن أبي طالب . . أقصد بنظرك أنت شخصياً ؟ " . - " لقد وفّق أمير المؤمنين بين هذين الخطرين ، فكان من الطبيعي له أن يقدم حقه قرباناً لحياة الإسلام ، وايثاراً للصالح العام ، فأنقطاع ذلك النزاع ، وارتفاع الخلاف بينه وبين أبي بكر ، لم يكن إلاّ فرقا على بيضة الدين ، واشفاقا على حوزة المسلمين ، فصبر هو وأهل بيته كافة ، وسائر أوليائه من المهاجرين والأنصار ، وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، كلامه مدة حياته بعد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صريح بذلك ، والأخبار في هذا متواترة عن أئمة العترة الطاهرة " . - " لكن سيد الأنصار سعد بن عبادة لم يسالم الخليفتين أبداً " . - " أجل إنّه لم يسالمهما ، لأنّه لا يتحمل ما يتحمله علي ، فلم تجمعه معهما جماعة في عيد أو جمعة ، وكان لا يفيض بإفاضتهم ، ولا يرى أثراً لشيء من أوامرهم ونواهيهم ، حتّى قتل غيلة بحوران على عهد الخليفة الثاني ، فقالوا : قتله الجن " . - " قتله الجن ؟ ! " . - " وأنت الآخر تعجب من كلامهم ، ولك الحق جداً في عجبك ، فإنّي أنا الآخر كنت قد عجبت من مثل هذا الكلام المطحون ! " .