أصبحوا أعداءً أشد شراسة من ذي قبل ، لأنهم قد غدوا منافقين ، يكتمون الباطل ، ويبطنون النفاق ، ولا يظهرون إلاّ وجوهاً مهللة بالفرح ، مستبشرة بما يقوله الرسول الذي ما كان إلاّ مطلعاً على السرائر . لأنّه كان يراهم على حقائقهم ، ويعلم ما في قلوبهم . . إلاّ أني سكتّ أنتظر فرصة أُخرى أدير فيها طرف محراك النار إلى جهة أُخرى ، كيما أُحرك جمرة أُخرى فأثير نار العلم التي استهواني الاصطلاء بها . . أحدث نفسي : فإنّي ما شعرت بخبث أو حقد أو تعصب يعتريني . . مع ما تنتابني من ألوان كُلّ هذه الخصال بشفافية ليس لها أن تقعد في قلبي " . بينما كانت ماضية سراعاً في حديثها حتّى جعلت تقول : - " أكنت لو سألك أيّما أحد عن هذا ، تجيبه بأن اللّه عزّ وجلّ ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، إنّما أراد بيان نصرة علي للمسلمين ، وصداقته لهم ، ليس إلاّ ! وفي مثل ذلك الحرّ وتلك الرمضاء . . والذي هو ما كان إلاّ سهلاً أريحياً ، لا يحب أن يكلف المسلمين ما هو فوق طاقتهم ، تخلق بأخلاق القرآن الذي ما نزلت آياته إلاّ تناسباً مع نفوس المسلمين كيما لا تنفر طباعهم منه . . فكيف به يحاول تنفيرهم من علي وهو يبغي إعزازه في قلوبهم أكثر وأكثر ؟ بل ما كنت أراك ترتضي مثل هذا الجواب : إنّه أراد بيان نصرة علي للمسلمين . ولا أخال أنك تتوهمني بأني أراك قد اقتنعت بأنّ مضمونه وبهذه الصورة وهذا الظرف هو بالذي يجوز على ربِّ الأرباب ، أو على سيد الحكماء ، وخاتم الرسل والأنبياء ، بل لا يمكن أن يصدر منهم وعلى هذه الشاكلة ولهذه العلة . . أبداً . بل ما أراك إلاّ أجلّ من أن تجوّز عليه أن يصرف هممه كُلّها ، وعزائمه بأسرها إلى . . " . قلت عندها :