إذا ما صار يزاول تطاوله وتعاليه ، كيما ينحّيني عن عزمي ، ويثنيني عن سؤلي إلاّ بجواب لا يحمل لون الدقة في الاستدلال . . فإنّه وفي هذه المرة قد جعل يفجعني بمرارة ألوان نازفة من الحقيقة الراعفة والتي جعلتُ أحس بطعمها حقيراً للغاية ، لأنها كذلك . إنّما مذاقها كان في تلك الساعة هو أشدّ كثيراً علي من أي وقت آخر . . فقال لي وهو يلملم براهين لا غبار عليها : - " إنك ولو يجيئك رسول اللّه الآن وبنفسه ، ويعلن لك عن مفاد هذه الحقيقة التي تبحث عنها الآن أو التي بالأحرى تتقلّب أنت في أوطار همهماتها وسبحات رشاقتها المميتة ، فإنك كذلك ستشعر بنفسك ، تفتقر وكأكثر ما تفتقر إلى الشجاعة في اتخاذ القرار ، والجرأة في احتمال وقع الموافقة والتأييد ، وأنت الذي لا أراك بحاجة إلى تلقين أيّما أحد يمكن أن يشخص إليك لأجل هذا الغرض ذاته في أنّ محمّداً ما كان بدعاً من الرسل ، وما كان هو إلاّ وحياً يوحى ! إذ ما كان لينطق عن الهوى . . علّمه شديد القوى " . جعلت أعتاد على لون من الاضطراب ، تجلّدت في مغالبته أو احتمال الالتهاب عند وقعات ألسنته الحادة ، بل شفرات مقصلته الفولاذية ، حتّى بتّ أعاند كُلّ أمر حولي وطفقت أناكد كُلّ أفكاري ، وأعزم على الهرب دون التفكير في الزمان والمكان ، وأعزم على أن أطوي دون العودة إلى مثل هذه المواضيع ! وكيف لها أن تتمرّر من دون أن أعيرها أدنى اهتمام أو أقل إصاخة ، لأني كنت قد جعلت أنازعها الأمر كيما تخبرني عن الحقيقة دون سواها ، وذلك كُلّما فكرت في كُلّ هذا والهرب من مصيري المحتوم فهل لي أن أصبح شيعياً في الغد ؟ إن التفكير في مثل هذا قمين بأن يبعث بي أنا إلى لجة الجحيم وغمرات الحميم ، بل إنّه كُلمّا تخيلت نفسي وقد التقيت بأحد أنسبائي وأيّما