معنى توافقت عليه النصوص ليس أمراً عشوائياً ، كما ربما يتخيَّل أو يُخيِّل هذا الكاتب ، بل يكون على النحو الذي يتكفل فيه كل نصٍّ بمقدار من الاحتمالات ، وتزيد هذه الاحتمالات كل ما انضم بعض هذه النصوص إلى بعضها الآخر ، إلى أن تصل إلى مرتبة من الظن ، ثم تتراكم الاحتمالات تصاعديّاً إلى أن يسقط الاحتمال المخالف عن الاعتداد به عقلاً ، فيحصل بذلك التواتر والقطع بصحة المعنى المراد إثباته . وكلما كانت المصادر موثوقة وقريبة من زمن صدور النصوص أو زمن الحادثة المراد إثباتها ، ازدادت فرص اثبات هذا المعنى . ويساعد على هذا عوامل وظروف أخرى كيفية ، فالمسألة المراد إثباتها مثلاً إن كانت من مثالب بني أمية ، وكان المؤرخ أمويّاً ، أو علويّاً يخشى سلطانهم ، كانت فرص تقوي احتمال هذا الأمر أكثر وأقوى وأثبت ، وكان تراكم الظنون معها أسرع وأوفر انتاجاً ، وذلك من الواضحات خصوصاً إذا كانت هذه الكثرة بحيث لا يعارضها ما يكذبها من أعوان أمية ومحبيهم في مثالنا . يبقى أن الاختلاف في التفاصيل الجزئية لا يضر بأصل الحادث على اعتبار أن الظن المتراكم يراد السير به قدماً إلى أن يتبدل إلى القطع والعلم ، ولا يضر بحصول العلم اختلاف هذه المعلومات ، نعم ربما تأخر حصوله عن الحالة التي ليس فيها هذا الاختلاف في تلك التفاصيل . ولذا نرى سماحة السيد المؤلف في « مأساة الزهراء ( ع ) » ، ينقل الروايات في ذلك عن أكثر الأئمة ( ع ) ، وهي روايات لا يجمعها مصدر واحد ولا ينقلها راوٍ واحد ، حيث نراه ينقل الأحداث عن المؤرخين في مختلف الطبقات ، ومن مختلف الاتجاهات ، وعن الشعراء والمتكلمين على تعدد ميولهم وتضاربها ، واختلاف مراتبهم العلمية . كل ذلك لتقوية احتمال ثبوت المعنى المراد إثباته ، وهو وقوع الظلم