آتيك به قبل أن تقوم من مكانك ) ، كما لم يكن من الضروري ذكر ذلك في الكتاب الكريم ، لإمكان الاكتفاء بخبر الإتيان بعرش بلقيس من دون التعرض لكيفية الإتيان به . فالتعرض لبيان هذه الأمور ، يرشد إلى رجحان التعرف عليها والتدبر في حقائقها ، للازدياد منها في مسيرة الكمال البشري ، ولا يضر في التعرف على هذا الجانب عدم تعلق هذه الأمور بخصوص معاجزهم المؤيدة للرسالة ، ولا يضر ذلك في كون هؤلاء الأنبياء والأولياء هم القدوة المتبعة والأسوة الحسنة . ولا يمنع من النظر والتأمل في هذه المعاجز والكرامات ، كونها مما اختصهم اللَّه به ، وبذا يبطل قول هذا الكتاب ( ص 96 ) : فلكي يكون النبي أو الوصي أو سيدة نساء العالمين الإنسان القدوة لا بد أن يتمتعوا بمواصفات مميزة ، وهو ما يمكننا تلمسه في واقع شخصية الزهراء ( ع ) ، لأنها مما اختصه اللَّه بها ، وليس من غيبيات لا يمكن لإنسان ما أن يبلغها مهما علا شأنه ، لأنها مما اختصه بها اللَّه ، وإلا فلا نستطيع أن نقدم كل هؤلاء باعتبارهم القدوة ، لأنه لا يجوز بحال من الأحوال الاقتداء بهم على مقتضى ما ذهب إليه المؤلف ( يعني السيد جعفر مرتضى ) انتهى كلامه . المقامات الغيبية للمعصومين ( ع ) ؟ ! ونحن إذ رأينا هذا الكاتب فيما سبق ، ينفي عن السيد فضل الله إنكاره لمقامات الأئمة الغيبية ، نرى في ظاهر كلامه هذا عين الدعوة إلى الإقلاع عن تلمس غيبيات هؤلاء الأئمة ، والاكتفاء بتلمس مواصفاتهم الواقعية على حد زعمه ، في إشارة منه إلى أن الأمور الغيبية المتعلقة بهم ( ع ) ، ليست من واقع ذواتهم ، ولا يمكنها أن تكشف شيئاً عن مقاماتهم وحقائقهم الذاتية .