خطابات واتهامات وأباطيل : لن نقف عند العبارات الكثيرة الجارحة ، والشتائم العديدة الواردة في هاتين الفقرتين ، ولكن نقف عند الموارد التي ذكر هذا الكاتب أن شيخ الشيعة الشيخ المفيد والإمام الحكيم والإمام الخميني قد خالفوا فيها المشهور . فنقول : لا مانع من مخالفة المشهور ، إذا قام الدليل المعتبر على لزوم ذلك ، مع خضوع عملية الاستنباط للضوابط والقوانين المفترضة من قبل الإطار التشريعي والعقيدي العام كما تقدم . وهذا أمر متعارف عند العلماء ولا داعي للخلط بينه ، وبين مخالفة الثوابت أو مخالفة الضروريات والتنازل عن المسلمات . إلا أنّا أيضاً نقول : ليس هذا هو مورد كلام العلامة السيد جعفر مرتضى ، بل مورد كلامه أنه مع فرض تحقق هذه المخالفات من مثل هؤلاء الأعيان ، فلا تصح نسبة هذه المخالفة الصادرة من أحدهم إلى مجموع الطائفة . هذا والحال أنهم من أعيانها وكبار علمائها وأعاظم محققيها ، الذين يعوَّل عليهم في التعرف على معالم الدين . فكيف بنا إذا لم يكن صاحب المخالفة ( بل المخالفات الكثيرة ، وفي مختلف العلوم ) ، من هذه الطليعة المعترف بها في تحقيق مسائل المذهب ؟ على أن لكل جواد كبوة ، فلو اجتمعت في جواد واحد كبوات الجياد كلها ، عدَّ هو والجواد الميت نظيرين ، لانعدام الفرق بينهما تقريباً ، وسوف أضرب لك في هذا مثالاً بسيطاً : . لو فرضنا أن هناك مئة لوحة بيضاء ، وفي كل واحدة من هذه اللوحات جزء من مئة ملطخ بلون آخر ، فلو اجتمعت هذه الألوان المتفرقة ، في لوحة بيضاء واحدة ، موزعة على أجزائها المئة ، لن تبقى هذه اللوحة بيضاء اللون ،