هي التي تخوله الخوض في هذا الأمر عند التوفر على مقدمات البحث ، بشكل يستجمع معه الحد الأدنى من المواصفات المشروطة فيه . وبهذا ينقطع الطريق على كثير من الناس ، وفيهم من حملة الألقاب الدينية ممن يدعون أنهم من أصحاب العلم ، الذين يمكنهم الجواب على كل سؤال ارتجالاً ، ومن دون تكلف المراجعة إلى المصدر والمرجع المختص ، كل ذلك اعتداداً بتجربتهم الثقافية الطويلة ! ! ولسنا نظن بصاحب اختصاص يعتمد في الإجابة عن ما يسأل عنه في اختصاصه ، يعتمد على ثقافته العامة في حقل من الحقول ، لكن وللأسف هذا ما يجري فعلاً ، ونراه في الخارج ، حيث يدعى ذلك بعضهم ويقول : لكل سؤال جواب ! ! ؟ ويجيب عنه ارتجالاً ! ! البحاثة الجديد إن من وصفهم هذا الكاتب في كتابه هذا ، بأنهم حديثو عهدٍ من البحاثة ، لم يستفيدوا من تساهل فقهائنا الأعلام ، ذلك لكذب هذه الدعوى التي يطعن فيها بفقهاءنا الأجلاء من زعماء الحوزة ، قبل أن يطعن فيها بسماحة السيد جعفر مرتضى ، مع أن جلَّهم فحتى من جاء منهم في العصور الأخيرة من أصحاب المؤلفات والتحقيقات في علم الكلام ، الذي يتوقف عليه الاجتهاد ، وهم أجلّ شأنا من أن يتساهلوا في أمر هذا الدين ، لكنه سوء الأدب والغرور يدفع بصاحبه نحو كل قبيح « كبرت كلمة تخرج من أفواههم » . نعم لم يتساهل فقهاؤنا كما قذفهم الكاتب ، بل إنما استفاد « حديثوا العهد من البحاثة » « كما تحلو له التسمية بذلك ، من تجربتهم الطويلة الممتدة في السنوات المديدة التي ربما عدت بالعشرات ، معتمدين على سلطان من الكفاءة والقدرة العلمية في الدخول إلى صروح التحقيق ، والنفاذ منهما بالهامّ من الحقائق إلى أقطار العلم والعلماء .