« ينبئك عن جهلٍ كبير بوظيفة الفقيه ، وبالفقه ومقدماته ، من الأصول وغيرها ، فالفقيه حقّاً لا يحتاج إلى إجازة لتوسيع صلاحياته ، ليتجه بذلك نحو الخوض في غمار التاريخ . لكن مع هذا ليس الأمر جزافياً بحيث يتسنى لكل أحد أن يمارس فيه ، ذلك لاحتياج الباحث في هذا المضمار إلى ما يتمكن معه من الاطلاع على مجريات الأمور ، والإحاطة بدقائقها وتفصيلاتها ، مع حسن العرض والمقابلة بين الأحداث ، مضافاً إلى دقة النظر وقوة الحدس فيها ، مع القدرة والتمكن من إعمال الموازين العلمية والعقلية والعقلائية . طبعاً ، وليس من أدوات هذه الأبحاث زيارة القبور ! ! التي أفرغها سماحته من مضمونها ، حيث نهى عن الاستغراق في ذوات أصحابها ولو كانوا أئمة وأنبياء معصومين وأمر بدل ذلك بالاستغراق في التاريخ وأخذ العبر ، مما يجعل من قبور الأولياء مدارس تثقيفية ، تنطلق بنا إلى التاريخ لتدعو التاريخ إلى زيارتنا ، ليزورنا من خلال تاريخهم أكثر مما نزورهم في ذلك التاريخ . وعوداً على ما كنا فيه : فإن ما تقدم ، ومعه غيره ، هو الكفيل أن يخول العالم الباحث الدخول في هذا المضمار ، وهنا نلفت نظر كاتبنا الحاذق ! ! إلى السؤال التالي وهو : هل أن الفقيه الذي فعل ذلك ، سيستخدم نتيجة أبحاثه التاريخية وهو العلم الوصفي لا المعياري كما يقول في ما ينفعه من العلوم الأخرى ، كالعقائد والفقه في بعض مسائله ، وأصول الفقه في بعض جوانبه ، وهو ما يمليه عليه التزامه العقيدي أم لا ؟ الثقافة والاختصاص إن قدرة الفقيه العلمية ، الحقيقية والواقعية ( لا المدعاة أو المزعومة ) ،