أضف إلى ذلك أنَّه أيُّ عيْبٍ في أن تبكي سيدةُ النساء ( ع ) على سيد خلق اللَّه ، فإنه قد بكى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وسلَّم على ولده إبراهيم الطفل الصغير ، ولمّا كلمّوهُ في ذلك قال : إنّها رحمة . وكذلك ما ورد عن الإمام زينُ العابدين عليه السلام من كثرة بكائه على مصاب أبيه ، فهل يقال إنه كان في بكائه معترضاً على قدر اللَّه ، وهي صلوات اللَّه عليها كانت تهدف من بكائها إلى تحريك الأمة حول مظلوميتها ومظلومية الوصي عليه وعليها السلام واللَّه الهادي للحق . يقول السيد فضل الله ( الندوة ج 1 ص 429 ) : بكاء الزهراء ( ع ) كان بكاءً إسلامياً ، وكان بكاء الصابرين ، ولم يكن بكاؤها بهذه الصورة التي تظهر في الروايات ، « بل كانت تذهب إلى قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وسلَّم ومعها ولداها ، وتتذكره في مواقعه وفي أماكنه ، وكانت تأخذ وقتاً لتعبر عن ذلك ، ولكنها كانت القوية الصابرة لذلك كان حزنها حزناً إسلامياً ، ولم يكن حزناً ذاتياً . بكاء الذات وبكاء الإسلام وليت سماحته يوضح لنا أين رأى أنها كانت تذهب إلى قبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وسلَّم وتتذكره في مواقعه وأماكنه . . ومن أي مصدر أخذ ذلك وهل هذا يعني أنها كانت تكتفي بذلك في زيارته له صلى الله عليه و آله وسلَّم ، وأن هذا هو معنى الزيارة لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله وسلَّم لا شيء آخر . . . ؟ ! ومن أين ظهر له أن بكاؤها ليس كما يظهر من الروايات . وليته يوضح لنا كيف يكون بكاؤها إسلامياً وليس ذاتياً ، وبذاتها الطاهرة المطهرة يتجسد الإسلام الحنيف ؟ ؟ . ومن أين أخذ ذلك ؟ وأي قاعدة عقلية أو شرعية دلَّته عليه ؟ إذ كيف تنفصم عرى الإسلام عن ذاتها الطاهرة ( ع ) ؟