إن أحد خلفاء بني العباس قال للإمام الكاظم ( ع ) : إنني مستعد أن أرجع إليك فدكا فحددها ، متصوراً أنها المنطقة الموجودة في الحجاز . فقال له الإمام ( ع ) : إذا عرفت لك حدود فدك فإنك لن تعطيني إياها . فقال الخليفة العباسي : ما حدودها ؟ قال له : حدود فدك هي حدود البلاد الإسلامية كلها . فلقد كانت فدك رمزاً ولم تكن مطلباً . . . كانت المنطلق ولم تكن الغاية . ( انتهى ) . ثم ينقل السيد فضل الله عن ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ، أنه سأل أستاذه : لماذا لم يعط أبو بكر فدكاً للزهراء ( ع ) ، ولو كانت للمسلمين لأعطوها لفاطمة ( ع ) ؟ فقال له : لو أخَذَتْ ( ع ) فدكاً لطالبت بالخلافة لعلي ( ع ) ، ولذلك رأى أن يقطع الأمر من أول الطريق حتى لا يمتد مطلبها إلى أبعد من ذلك . انتهى وهو ( أي السيد فضل اللَّه ) يقول في موضعٍ آخر ( الندوة ج 1 ص 62 ) : أرادت أن تثبت أن غصب فدك يعني غصب الحق ، وأن غصب فدك يلتقي مع غصب الخلافة ، لهذا لم تتحدث في خطبتها عن أي شيء من آلامها ، فلم تتحدث عن هجوم القوم على البيت أياً كانت الأحداث في داخل البيت . كانت قضية الزهراء ( ع ) قضية الحق ، حق علي ( ع ) في الخلافة ، ولم تكن قضيتها في شخصها وآلامها ، وإن كان لها الحق في ذلك كله . تحويل النزاع . . . أعظم هدية وبعد كل هذا تعلم صدق ما قاله العلامة السيد جعفر مرتضى [ مأساة الزهراء ج 1 ، ص 201 ] : إن تحويل النزاع إلى أمر شخصي ، هو أعظم هدية تقدمها الزهراء ( ع ) إليهم ، مع أن القضية ليست شخصية .