نام کتاب : بحوث معاصرة في الساحة الدولية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 8
بأن فصل بين ( دوال اللغة ) و ( مدلولاتها ) ، فحذف الأخير وجعلها غائبة ، ليشير بذلك إلى عدم وجود مركز معرفي ثابت بقدر ما يخضع الأمر لقراءات استمراريّة لا نهائية ، أي جعل استخلاص الدلالة المعرفية لا نهاية أو لا ثبات لها ، وهو أمر يتساوق ويتناغم مع الفلسفة التشكيكيّة التي لا تجنح إلى يقين معرفي أو المعرفة اليقينيّة ، ومن ثمّ يظلّ ( المعنى ) أو ( الدلالة ) أو ( القيم ) لا ثبات ولا استقرار لمفهوماتها . . ومن الطبيعي حينما ينسحب هذا التشكيك على الظواهر جميعاً ، فإنّ النتيجة تظلّ تشكيكاً بكلّ شيء ، وفي مقدّمة ذلك : التشكيك أساساً بما وراء الوجود ( المبدع ) وإرسالات السماء ، وكلّ ما هو ( مقدّس ) بحسب تعبير الموضة المشار إليها . . وإذ كان المناخ الأُوربي يسمح بولادة أمثلة هذه التيارات ، نظراً - من جانب - إلى اليأس الذي طبع مجتمعات الغرب من حضارتها المادية الصرفة ، خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية . . وإذا كان المناخ المذكور - من جانب آخر - طبعه الترف الفكري أو التخمة الثقافية ، بحيث تقتاده إلى توليد جديد للفكر حتّى لو لم تسمح به الضرورة . . ثمّ - من جانب ثالث - إذا أخذنا بنظر الاعتبار ( وهذا أهم الأسباب بطبيعة الحال ) عزلة المجتمع الأُوربي عن السماء ومبادئها : حينئذ ، فإنّ ولادة التيارات التفكيكيّة والتشكيكيّة والمتمرّدة والفوضوية وبالإضافة إلى عودة بعض التيارات المنتسبة إلى اليسار الجديد . . أُولئك جميعاً تفسّر لنا ولادة التيارات المذكورة في مجتمع أُوربي له أرضيّته الخاصّة . إلاّ أنّ من المؤسف كثيراً أن نجد انعكاسات التيارات المذكورة على ( الشرق ) ، وفي مقدّمتها : المجتمعان العربي والإسلامي ، حيث هرع أفراد كثيرون
8
نام کتاب : بحوث معاصرة في الساحة الدولية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 8