نام کتاب : بحوث معاصرة في الساحة الدولية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 28
واستمر الدين المسيحي بقوّة في تلك البلدان إلى أن وصل إلى القرن الثامن عشر الميلادي ، وفي هذه الفترة بدأت تعلو الصيحات الثورية على غطرسة الملوك والنظم السياسية الغربية التي كانت تحرق الطبقات الفقيرة بنار الفقر وسطوة الاضطهاد ، وفي هذا الجو ظهرت التيارات المعادية لهذه الأنظمة . وتحالف الملوك ورجال الكنيسة ، فرجال الكنيسة يعطون الملوك الشرعية فيما يعملون ، والملوك يدعمون رجال الكنيسة بنفوذهم ، وأمام هذا التحالف بدأت قوى إصلاحية تعتمد على مواجهة الملوك وتحطيم شرعية الكنيسة المتحكّمة في المجتمع آنذاك ، فبدأت عمليات تنظير عديدة ، وإن لم تنتج عن انفصال أبدي للدين كما قلنا سابقاً ، إلاّ أنّها كانت تستهدف الحدّ من هيمنة الدين المسيحي على المجتمع . وعدم حدوث الانفصال الأبدي هو أنّ سرّ الخلقة مرتبطة بالجانب الروحي والغيبي ، وأنّ الدين حتّى وإن حُرّف يكون قابلا للتأثير في المساحة غير المحرّفة منه ، حتّى الديانات الهندية قد يكون بعضها لها أُصول سماوية ; لأنّ الأنبياء كانوا منتشرين في بقاع العالم قال تعالى : * ( وَإِنْ مِنْ أُمَّة إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ ) * ( 1 ) . حتّى بعض أصول البوذية تتوافق مع الديانات السماوية الأُخرى ، وهذا ينطبق على بعض الديانات الموجودة في شرق آسيا . وفي هذه الأجواء تبلورت ثلاث مدارس فكرية تأثّر بها المتّفقون والجامعيّون المسلمون ، ونتج عن هذه المدارس ما نسمّيه بالعلمانية . والعلمانيون الغربيون يتنبّؤون بسقوط الدين الإسلامي ، كما سقطت المسيحية . ونحن نقول لهم إنّ المسيحية لم تسقط ، وإنّما سقط التحالف بين رجال الكنيسة
1 - فاطر ( 35 ) : 24 .
28
نام کتاب : بحوث معاصرة في الساحة الدولية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 28