نام کتاب : بحوث معاصرة في الساحة الدولية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 119
وتلاقح الأفكار ، أي : هي ظاهرة ثقافية فكرية ، وليست ظاهرة غضبية ، وليست ظاهرة تحميلية ، أي : تحمل الطرف الآخر على قبول رأيك بالقوّة ، ويخطأ من يقول أنّ الشورى هي إرادة الأكثرية ; لأنّ الشورى ليست إرادة ، وإنّما هي رأي ، والإرادة من القوى العمليّة ، والشورى من القوى العلميّة ، وفرق بين هذا وذاك . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه " ( 1 ) ، وقال علي ( عليه السلام ) : " حق على العاقل أن يضيف إلى رأيه رأي العقلاء ويضم إلى علمه علوم الحكماء " ( 2 ) . وأحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) تحثّ على المشوَرَة ( 3 ) ، وتعتبر المشورة من أعظم أنواع الخيرة ، وإن كانت الخيرة بالسبحة مستحبّة ، ولكن المشورة متقدّمة عليها ، لأنّ الشورى تُوفّر للإنسان فرصة دراسة الموضوع الذي يريد الإنسان أن يُقدم عليه من جميع الجوانب ، وتتكامل عنده الصورة بشكل أوضح ، وهناك شروط لمن تصح مشاورته . وليست الشورى بمعنى مجموعة الإرادات أو الإرادة الجمعيّة أو الحاكمية للأكثرية ، بل الشورى تعني : الحاكمية للصواب وإن كان الصواب يمثّل رأي الأقليّة في تلك المجموعة ، والشورى تعني : حاكمية العلم وإن كانت لفرد واحد إذا كان أخبر القوم وأعلمهم ، وهو صاحب الرأي الصحيح في قبال مجموعة كبيرة ، الشورى مداولة الآراء لمعرفة الخطأ من الصواب ، ولا تعني : القهر والفرض والاستبداد .