موضوعها ومحمولها [1] ، فإنا إذا تصورنا الماهية بما أنها ممكنة تستوي نسبتها إلى الوجود والعدم وتوقف ترجح أحد الجانبين لها وتلبسها به على أمر وراء الماهية لم نلبث دون أن نصدق به ، فاتصاف الممكن بأحد الوصفين - أعني الوجود والعدم - متوقف على أمر وراء نفسه ، ونسميه : ( العلة ) لا يرتاب فيه عقل سليم . وأما تجويز اتصافه - وهو ممكن مستوي النسبة إلى الطرفين - بأحدهما لا لنفسه ولا لأمر وراء نفسه فخروج عن الفطرة الإنسانية [2] . وهل علة حاجته إلى العلة هي الإمكان أو الحدوث [3] ؟ قال جمع من المتكلمين [4] بالثاني . والحق هو الأول ، وبه قالت الحكماء ، واستدلوا عليه [5] بأن الماهية باعتبار وجودها ضرورية الوجود وباعتبار عدمها ضرورية العدم ، وهاتان ضرورتان بشرط المحمول ، والضرورة مناط الغنى عن العلة والسبب . والحدوث هو كون
[1] هكذا في المطالب العالية ج 1 ص 83 - 84 ، والأسفار ج 1 ص 207 ، وشرح المواقف ص 134 ، وشرح المنظومة ص 70 . [2] كما في الأسفار ج 1 ص 208 . [3] وقيل : ( علة الحاجة هي الإمكان مع الحدوث شطرا ) . وقيل : ( إنها الإمكان مع الحدوث شرطا ) . راجع الأسفار ج 1 ص 206 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 38 ، وكشف المراد ص 53 ، وشرح المقاصد ج 1 ص 126 ، وغيرها . فالأقوال فيها أربعة . ذهب إلى كل منها طائفة ، قال ابن ميثم البحراني في قواعد المرام في علم الكلام ص 48 : ( علة حاجة الممكن إلى المؤثر هي إمكانه ، وعند أبي هاشم هي الحدوث ، وعند أبي الحسين البصري هي المركب منهما ، وعند الأشعري الإمكان بشرط الحدوث ) . وقريب منه ما في إرشاد الطالبين ص 79 . [4] نسبه إليهم في شرح المقاصد ج 1 ص 127 ، وكشف الفوائد ص 8 . ونسبه الشيخ الرئيس إلى ضعفاء المتكلمين في النجاة ص 213 . ونسبه اللاهيجي إلى قدماء المتكلمين في الشوارق ص 89 - 90 ، وكذا العلامة في أنوار الملكوت ص 58 . ونسبه صدر المتألهين إلى قوم من المتسمين بأهل النظر وأولياء التميز في الأسفار ج 1 ص 206 . ونسبه ابن ميثم إلى أبي هاشم من المتكلمين في قواعد المرام في علم الكلام ص 48 . فالمراد من قوله : ( جمع من المتكلمين ) هو قدماء المتكلمين ، وأما المتأخرين منهم فذهبوا إلى خلاف ذلك . [5] راجع شرح المنظومة ص 72 .