نفس ذات العلة ، فالعلة هي نفس الوجود الذي يصدر عنه وجود المعلول وإن قطع النظر عن كل شئ . ومن الواجب أن يكون بين المعلول وعلته سنخية ذاتية هي المخصصة لصدوره عنها ، وإلا كان كل شئ علة لكل شئ وكل شئ معلولا لكل شئ . فلو صدر عن العلة الواحدة التي ليس لها في ذاتها إلا جهة واحدة معاليل كثيرة بما هي كثيرة متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة ، تقررت في ذات العلة جهات كثيرة متباينة متدافعة ، وقد فرضت بسيطة ذات جهة واحدة ، وهذا خلف . فالواحد لا يصدر عنه إلا الواحد ، وهو المطلوب . وقد اعترض عليه بالمعارضة [1] : أن لازمه عدم قدرة الواجب ( تعالى ) على إيجاد أكثر من واحد ، وفيه تقييد قدرته ، وقد برهن على إطلاق قدرته وأنها عين ذاته المتعالية . ويرده : أنه مستحيل بالبرهان ، والقدرة لا تتعلق بالمحال ، لأنه بطلان محض لا شيئية له . فالقدرة المطلقة على إطلاقها ، وكل موجود معلول له ( تعالى ) بلا واسطة أو معلول معلوله ، ومعلول المعلول معلول حقيقة . ويتفرع عليه : أولا : أن الكثير لا يصدر عنه الواحد . فلو صدر واحد عن الكثير ، فإما أن يكون الواحد واحدا نوعيا ذا أفراد كثيرة يستند كل فرد منها إلى علة خاصة ، كالحرارة الصادرة عن النار والنور والحركة وغيرها ، أو تكون وحدته عددية ضعيفة كالوحدة النوعية ، فيستند وجوده إلى كثير كالهيولي الواحدة بالعدد المستند وجودها إلى مفارق يقيم وجودها بالصور المتواردة عليها واحدة بعد واحدة على
[1] والمعترض هو الأشاعرة كالعلامة الإيجي والسيد الشريف في شرح المواقف ص 172 و ص 485 . واعترض عليه الغزالي أيضا ، حيث قال : ( إنهم قالوا : لا يصدر من الواحد إلا شئ واحد ، والمبدأ الواحد من كل وجه . والعالم مركب من مختلفات ، فلا يتصور أن يكون فعلا لله تعالى بموجب أصلهم ) ، راجع كلام الماتن في تهافت التهافت ص 292 .