ويتميز الذاتي من غير الذاتي بخواصه التي هي لوازم ذاتيته ، وهي كونه ضروري الثبوت لذي الذاتي لضرورية ثبوت الشئ لنفسه ، وكونه غنيا عن السبب ، فالسبب الموجد لذي الذاتي هو السبب الموجد للذاتي لمكان العينية ، وكونه متقدما على ذي الذاتي تقدما بالتجوهر ، كما سيجئ إن شاء الله [1] . وقد ظهر مما تقدم أن الحمل بين الذات وبين أجزائه الذاتية حمل أولي . وبه يندفع الإشكال في تقدم أجزاء الماهية عليها بأن مجموع الأجزاء عين الكل ، فتقدم المجموع على الكل تقدم الشئ على نفسه ، وهو محال . وذلك [2] أن الذاتي ، سواء كان أعم وهو الجنس أو أخص وهو الفصل ، عين الذات ، والحمل بينهما أولي ، وإنما سمي : ( جزءا ) لوقوعه جزءا من الحد . على أن إشكال تقدم الأجزاء على الكل مدفوع بأن التقدم للأجزاء بالأسر على الكل ، وبين الاعتبارين تغاير . الفصل الخامس في الجنس والفصل والنوع وبعض ما يلحق بذلك الماهية التامة التي لها آثار خاصة حقيقية تسمى من حيث هي كذلك ( نوعا ) كالإنسان والفرس والغنم . وقد بين في المنطق [3] أن من المعاني الذاتية للأنواع الواقعة في حدودها ما يشترك فيه أكثر من نوع واحد كالحيوان الذي يشترك فيه الإنسان والفرس وغيرهما ، كما أن منها ما يختص بنوع واحد كالناطق المختص بالإنسان ، ويسمى الجزء المشترك فيه ( جنسا ) والجزء المختص ( فصلا ) .
[1] راجع الفصل الأول من المرحلة العاشرة . [2] أي الاندفاع . واعلم أنهم اختلفوا في التفصي عن هذا الإشكال ولهم عبارات مختلفة تعرض لها المحقق اللاهيجي في المسألة الخامسة من الفصل الثاني من المقصد الأول من شوارق الالهام ، فراجع . [3] راجع الكتب المنطقية ، باب الكليات الخمسة .