كان جوهرا أو عرضا - موجودا في نفسه رابطا بالنظر إلى علته ، وإن كان بالنظر إلى نفسه وبمقايسة بعضه إلى بعض جوهرا أو عرضا موجودا في نفسه . فتقرر أن اختلاف الوجود الرابط والمستقل ليس اختلافا نوعيا بأن لا يقبل المفهوم غير المستقل الذي ينتزع من الرابط المتبدل إلى المفهوم المستقل المنتزع من المستقل . ويتفرع على ما تقدم أمور : الأول : أن المفهوم في استقلاله بالمفهومية وعدم استقلاله تابع لوجوده الذي ينتزع منه ، وليس له من نفسه إلا الابهام . فحدود الجواهر والأعراض ماهيات جوهرية وعرضية بقياس بعضها إلى بعض وبالنظر إلى أنفسها ، وروابط وجودية بقياسها إلى المبدأ الأول ( تبارك وتعالى ) ، وهي في أنفسها مع قطع النظر عن وجودها لا مستقلة ولا رابطة . الثاني : أن من الوجودات الرابطة ما يقوم بطرف واحد كوجود المعلول بالقياس إلى علته ، كما أن منها ما يقوم بطرفين كوجودات سائر النسب والإضافات . الثالث : أن نشأة الوجود لا تتضمن إلا وجودا واحدا مستقلا هو الواجب ( عز اسمه ) ، والباقي روابط ونسب وإضافات . الفصل الثالث في إنقسام الوجود في نفسه إلى ما لنفسه وما لغيره ينقسم الموجود في نفسه إلى ما وجوده لنفسه وما وجوده لغيره . والمراد بكون وجود الشئ لغيره أن يكون وجوده في نفسه - وهو الوجود الذي يطرد عن ماهيته العدم - هو بعينه طاردا للعدم عن شئ آخر ، لا لعدم ماهية ذلك الشئ الآخر وذاته ، وإلا كانت لموجود واحد ماهيتان ، وهو محال ، بل لعدم زائد على ماهيته وذاته ، له نوع من المقارنة له كالعلم الذي يطرد بوجوده العدم عن ماهية