كثير من أجزاء هذا العالم والنسب التي بينها والنظام الجاري فيها . ولعل ما هو مجهول منها أكثر مما هو معلوم . وقد تبين في الأبحاث السابقة [1] أن عالم المادة بما بين أجزائه من الارتباط والاتصال واحد سيال في ذاته متحرك في جوهره ويشايعه في ذلك الأعراض ، والغاية التي تنتهي إليها هذه الحركة العامة هي التجرد على ما تقدمت الإشارة إليه في مرحلة القوة والفعل [2] . وإذ كان هذا العالم حركة ومتحركا في جوهره ، سيلانا وسيالا في وجوده ، وكانت هويته عين التجدد والتغير لا شيئا يطرأ عليه التجدد والتغير ، صح ارتباطه بالعلة الثابتة التي تنزه عن التجدد والتغير . فالجاعل الثابت الوجود جعل ما هو في ذاته متجدد متغير ، لا أنه جعل الشئ متجددا متغيرا . وبذلك يرتفع إشكال استناد المتغير إلى الثابت وارتباط الحادث بالقديم . الفصل الثالث والعشرون في حدوث العالم قد تحقق فيما تقدم من مباحث القدم والحدوث [3] أن كل ماهية ممكنة موجودة مسبوقة الوجود بعدم ذاتي ، فهي حادثة حدوثا ذاتيا ، والعدم السابق على وجودها بحده منتزع عن علتها الموجدة لها ، فهي مسبوقة الوجود بوجود علتها متأخرة عنها . وإذ كان المبدأ الأول لكل وجود إمكاني - سواء كان ماديا أو مجردا ، عقليا أو غير عقلي - هو الواجب لذاته ( تعالى ) ، فكل ممكن موجود حادث ذاتا بالنسبة
[1] راجع الفصل الثالث من المرحلة الحادية عشرة ، والفصل الثامن من المرحلة التاسعة . [2] راجع الفصل الخامس من المرحلة التاسعة . [3] راجع الفصل السادس من المرحلة العاشرة .