واسطة . وعلة متوسطة لما دونها من المثال ، ومرتبة المثال معلولة للعقل وعلة لمرتبة المادة والماديات ، وقد تقدمت إلى ذلك إشارة [1] وسيجئ توضيحه [2] . فمرتبة الوجود العقلي أعلى مراتب الوجود الامكاني وأقربها من الواجب ( تعالى ) والنوع العقلي منحصر في فرد ، فالوجود العقلي بما له من النظام ظل للنظام الرباني الذي في العالم الربوبي الذي فيه كل جمال وكمال . فالنظام العقلي أحسن نظام ممكن وأتقنه ، ثم النظام المثالي الذي هو ظل للنظام العقلي ، ثم النظام المادي الذي هو ظل للمثال . فالنظام العالمي العام أحسن نظام ممكن [3] وأتقنه [4] . الفصل الثامن عشر في الخير والشر ودخول الشر في القضاء الإلهي الخير ما يطلبه ويقصده ويحبه كل شئ ويتوجه إليه كل شئ بطبعه ، وإذا تردد الأمر بين أشياء فالمختار خيرها ، فلا يكون إلا كمالا وجوديا يتوقف عليه وجود الشئ كالعلة بالنسبة إلى معلولها ، أو كمالا أولا هو وجود الشئ بنفسه ، أو كمالا ثانيا يستكمل الشئ به ويزول به عنه نقص . والشر يقابله ، فهو عدم ذات أو عدم كمال ذات . والدليل على أن الشر عدم ذات أو عدم كمال ذات أن الشر لو كان أمرا وجوديا لكان إما شرا لنفسه أو شرا لغيره ، والأول محال ، إذ لو اقتضى الشئ عدم نفسه لم يوجد من رأس ، والشئ لا يقتضي عدم نفسه ولا عدم شئ من كمالاته الثانية ، لما بينه وبينها من الرابطة الوجودية ، والعناية الإلهية أيضا توجب إيصال كل شئ إلى كماله ، والثاني أيضا محال ، لأن كون الشر - والمفروض أنه
[1] راجع نفس المصدر السابق . [2] في الفصل التاسع عشر من هذه المرحلة . [3] إشارة إلى قوله تعالى : * ( الذي أحسن كل شئ خلقه ) * السجدة : 7 . [4] إشارة إلى قوله تعالى : * ( صنع الله الذي أتقن كل شئ ) * النمل : 88 .