واحدة مشككة ذات مراتب مختلفة . وأجيب [1] عن الشبهة بأنها مبنية على انتزاع مفهوم واحد من مصاديق كثيرة متباينة بما هي كثيرة متباينة وهو محال . برهان آخر [2] : لو تعدد الواجب بالذات وكان هناك واجبان بالذات - مثلا - كان بينهما الإمكان بالقياس من غير أن يكون بينهما علاقة ذاتية لزومية ، لأنها لا تتحقق بين الشيئين إلا مع كون أحدهما علة والآخر معلولا أو كونهما معلولين لعلة ثالثة ، والمعلولية تنافي وجوب الوجود بالذات . فإذن لكل واحد منهما حظ من الوجود ومرتبة من الكمال ليس للآخر . فذات كل منهما بذاته واجد لشئ من الوجود وفاقد لشئ منه ، وقد تقدم [3] أنه تركب مستحيل على الواجب بالذات . برهان آخر : ذكره الفارابي في الفصوص : ( وجوب الوجود لا ينقسم بالحمل على كثيرين مختلفين بالعدد ، وإلا لكان معلولا ) [4] . ولعل المراد أنه لو تعدد الواجب بالذات لم تكن الكثرة مقتضى ذاته ، لاستلزامه أن لا يوجد له مصداق ، إذ كل ما فرض مصداقا له كان كثيرا والكثير لا يتحقق إلا بآحاد ، وإذ لا واحد مصداقا له فلا كثير ، وإذ لا كثير فلا مصداق له ، والمفروض أنه واجب بالذات . فبقي أن تكون الكثرة مقتضى غيره ، وهو محال ، لاستلزامه الافتقار إلى الغير الذي لا يجامع الوجوب الذاتي . الفصل السادس في توحيد الواجب لذاته في ربوبيته وأنه لا رب سواه الفحص البالغ والتدبر الدقيق العلمي يعطي أن أجزاء عالمنا المشهود - وهو عالم الطبيعة - مرتبطة بعضها ببعض من أجزائها العلوية والسفلية وأفعالها
[1] كذا أجاب عنها صدر المتألهين في الأسفار ج 6 ص 58 - 62 ، و ج 1 ص 133 . [2] هذا البرهان ذكره صدر المتألهين في الأسفار ج 1 ص 136 . [3] راجع الفصل السابق . [4] راجع الفصوص للفارابي ص 4 .