وجوده مسبوقة بقوة وجوده وهو الحدوث الزماني . وأما الحدوث بمعنى كون وجود الزمان مسبوقا بعدم خارج من وجوده سابق عليه سبقا لا يجامع فيه القبل البعد ، ففيه فرض تحقق القبلية الزمانية من غير تحقق الزمان . وإلى ذلك يشير ما نقل عن المعلم الأول : ( أن من قال بحدوث الزمان فقد قال بقدمه من حيث لا يشعر ) [1] تنبيه : قد تقدم في مباحث القوة والفعل [2] أن لكل حركة شخصية زمانا شخصيا يخصها ويقدرها ، فمنه الزمان العمومي الذي يعرض الحركة العمومية الجوهرية التي تتحرك بها مادة العالم المادي في صورها ، ومنه الأزمنة المتفرقة التي تعرض الحركات المتفرقة العرضية وتقدرها . وأن الزمان الذي يقدر بها العامة حوادث العالم هو زمان الحركة اليومية الذي يراد بتطبيق الحوادث عليه الحصول على نسب بعضها إلى بعض بالتقدم والتأخر والطول والقصر ونحو ذلك . إذا تذكرت هذا فاعلم أن ما ذكرناه من معنى الحدوث والقدم الزمانيين يجري في كل زمان كيفما كان ، فلا تغفل . الفصل السادس في الحدوث والقدم الذاتيين الحدوث الذاتي كون وجود الشئ مسبوقا بالعدم المتقرر في مرتبة ذاته ، والقدم الذاتي خلافه . قالوا [3] : ( إن كل ذي ماهية فإنه حادث ذاتا ) ، واحتجوا عليه [4] بأن كل ممكن
[1] والناقل صدر المتألهين في الأسفار ج 3 ص 245 . [2] في الفصل الحادي عشر من المرحلة التاسعة . [3] أي الحكماء . [4] راجع المباحث المشرقية ج 1 ص 134 ، والأسفار ج 3 ص 246 .