بالعدم ، والحادث ما كان مسبوق الوجود بالعدم . والذي يصح أن يؤخذ في تعريف الحدوث والقدم من معاني السبق وأنواعه المذكورة أربعة ، هي : السبق الزماني ، والسبق العلي ، والسبق الدهري ، والسبق بالحق . فأقسام القدم والحدوث أربعة : القدم والحدوث الزمانيان ، والقدم والحدوث العليان - وهو المعروف بالذاتيين - ، والقدم والحدوث بالحق ، والقدم والحدوث الدهريان ، ونبحث عن كل منها تفصيلا . الفصل الخامس في القدم والحدوث الزمانيين الحدوث الزماني كون الشئ مسبوق الوجود بعدم زماني ، وهو حصول الشئ بعد أن لم يكن ، بعدية لا تجامع القبلية ، ولا يكون العدم زمانيا إلا إذا كان ما يقابله من الوجود زمانيا ، وهو أن يكون وجود الشئ تدريجيا منطبقا على قطعة من الزمان مسبوقة بقطعة ينطبق عليها عدمه . ويقابل الحدوث بهذا المعنى القدم الزماني الذي هو عدم كون الشئ مسبوق الوجود بعدم زماني ، ولازمه أن يكون الشئ موجودا في كل قطعة مفروضة قبل قطعة من الزمان منطبقا عليها . وهذان المعنيان إنما يصدقان في الأمور الزمانية التي هي مظروفة للزمان منطبقة عليه ، وهي الحركات والمتحركات . وأما نفس الزمان فلا يتصف بالحدوث والقدم الزمانيين ، إذ ليس للزمان زمان آخر حتى ينطبق وجوده عليه فيكون مسبوقا بعدم فيه أو غير مسبوق . نعم ، لما كان الزمان متصفا بالذات بالقبلية والبعدية بالذات غير المجامعتين كان كل جزء منه مسبوق الوجود بعدمه الذي مصداقه كل جزء سابق عليه ، فكل جزء من الزمان حادث زماني بهذا المعنى ، وكذلك الكل ، إذ لما كان الزمان مقدارا غير قار للحركة التي هي خروج الشئ من القوة إلى الفعل تدريجا كانت فعلية