مثلا ، إلا إذا كذب قولنا : ( ليست الأربعة بزوج ) . وليس يصدق قولنا : ( العالم حادث ) ، إلا إذا كذب قولنا : ( ليس العالم بحادث ) . ولذا سميت قضية امتناع اجتماع النقيضين وارتفاعهما ب ( أولى الأوائل ) . ولذا كان الشك في صدق هذه المنفصلة الحقيقية مزيلا للعلم بكل قضية مفروضة ، إذ لا يتحقق العلم بصدق قضية إلا إذا علم بكذب نقيضها ، والشك في هذه المنفصلة الحقيقية يوجب الشك في كذب النقيض ، ولازمه الشك في صدق النقيض الآخر ، ففي الشك فيها هلاك العلم كله وفساده من أصله ، وهو أمر تدفعه الفطرة الإنسانية ، وما يدعيه السوفسطي من الشك دعوى لا تتعدى طور اللفظ البتة ، وسيأتي تفصيل القول فيه [1] . الفصل السابع في تقابل العدم والملكة ويسمى أيضا ( تقابل العدم والقنية ) [2] ، وهما أمر وجودي عارض لموضوع من شأنه أن يتصف به ، وعدم ذلك الأمر الوجودي في ذلك الموضوع ، كالبصر والعمى الذي هو فقد البصر من موضوع من شأنه أن يكون بصيرا . ولا يختلف الحال في تحقق هذا التقابل بين أن يؤخذ موضوع الملكة هو الطبيعة الشخصية أو الطبيعة النوعية أو الجنسية ، فإن الطبيعة الجنسية وكذا النوعية موضوعان لوصف الفرد ، كما أن الفرد موضوع له ، فعدم البصر في العقرب - كما قيل [3] - عمى وعدم ملكة ، لكون جنسه - وهو الحيوان - من شأنه أن يكون بصيرا
[1] راجع الفصل التاسع من المرحلة الحادية عشرة . [2] قال الحكيم السبزواري في شرح المنظومة ( قسم المنطق ) ص 52 : ( ومن عدول عدم للقنية ) . وقال أيضا فيه ( قسم الحكمة ) ص 116 : ( فما اعتبرت فيه قابلية لما انتفى فعدم وقنية ) . [3] راجع شوارق الالهام ص 193 ، وشرح التجريد للقوشجي ص 104 ، وشرح المنظومة ص 117 ، وشرح المواقف ص 166 .