افتقار العرض إلى موضوع [1] يقوم به يستلزم ماهية قائمة بنفسها . ويتفرع على ما تقدم أن الشئ الواحد لا يكون جوهرا وعرضا معا ، وناهيك في ذلك أن الجوهر وجوده لا في موضوع ، والعرض وجوده في موضوع ، والوصفان لا يجتمعان في شئ واحد بالبداهة . الفصل الثالث في أقسام الجوهر الأولية [2] قالوا [3] : إن الجوهر إما أن يكون في محل ، أو لا يكون فيه ، والكائن في المحل هو ( الصورة المادية ) ، وغير الكائن فيه إما أن يكون محلا لشئ يقوم به أو لا يكون ، والأول هو ( الهيولي ) ، والثاني لا يخلو إما أن يكون مركبا من الهيولي والصورة أو لا يكون ، والأول هو ( الجسم ) ، والثاني إما أن يكون ذا علاقة انفعالية بالجسم بوجه أو لا يكون ، والأول هو ( النفس ) والثاني هو ( العقل ) . فأقسام الجوهر الأولية خمسة ، هي : الصورة المادية والهيولي والجسم والنفس والعقل . وليس التقسيم عقليا دائرا بين النفي والإثبات ، فإن الجوهر المركب من الجوهر الحال والجوهر المحل ليس ينحصر بحسب الاحتمال العقلي في الجسم ، فمن الجائز أن يكون في الوجود جوهر مادي مركب من المادة وصورة غير الصورة الجسمية ، لكنهم قصروا النوع المادي الأول في الجسم تعويلا على استقرائهم . .
[1] كون وجود العرض لغيره ( ناعتا لغيره ) معنى سلبي لا اقتضاء للماهية العرضية بالنسبة إليه ، ولكن وجود الجوهر وجود لنفسه قائم بنفسه التي هي ماهيته ، وهو معنى إيجابي تقتضيه الماهية اقتضاء الماهية للوازمها ، والمعنى الواحد لا ينتزع من ماهيات متباينة وقد أشرنا إليه في قولنا قبلا : ( وإلا لذهبت سلسلة الافتقار إلى غير النهاية . . . ) ( منه رحمه الله ) . [2] أي الأقسام الأولية للجوهر . [3] أي المشاؤون راجع الفصل الأول من المقالة الثانية من إلهيات الشفاء ، وتعليقة صدر المتألهين عليه ص 47 ، وشرح الهداية الأثيرية لصدر المتألهين ص 261 ، والأسفار ج 4 ص 234 ، وقواعد المرام ص 43 ، وشرح حكمة العين ص 212 .