نام کتاب : منازل الآخرة والمطالب الفاخرة نویسنده : الشيخ عباس القمي جلد : 1 صفحه : 18
ومهما اختلف القوم فالمسألة ليست داخلة ضمن معدودات الترف الفكري ، بل انها من المسائل الحياتية المهمة جدا سواءا نوقشت بالطريقة الفلسفية أو بالطريقة الأخلاقية أو غيرها . وبما أن بداية العوالم الأخرى تبتدأ بالموت وتنتهي بالمعاد فلذلك كانت مسألة الموت والمعاد من المسائل المهمة التي عولجت بعدة طرق من البحث ، فقد اهتم بها الفكر الاسلامي والعقيدة الاسلامية فعدت خامس أصول الدين بعد التوحيد والعدل والنبوة والإمامة ، ولأهميتها فقد اهتم بها الفكر الفلسفي والكلامي الاسلامي وقد نوقشت قضايا المعاد لإثبات النشأة الآخرة وحشر الأجسام ونشر الأرواح والنفوس ، والمعاد الجسماني ، أو الروحاني ، والبحث في بقاء النفوس وتجردها والنفوس التي تحشر والنفوس التي لا تحشر ، وهل أن الأجسام التي ترزق المعاد هي تلك الأجسام التي أحسنت في الدنيا ، وهي التي عصت الحق تعالى فيها ، أم انها أجسام أخرى لم تكن في الدنيا ولم تحسن فيها ولم تسئ فيها . وقد اتفق العلمان في بعض مسائلهما وقد اختلفا في مسائل أخرى كما هو ديدنهما ، ولكن كالعادة لكل منهما طريقته بالاستدلال والبرهنة - وليس هنا محل الإطالة والاطناب والتفصيل - ولكن الشئ الذي لابد من الإشارة إليه هنا هو ان العلمين قد ناقشا قضايا الموت والمعاد من وجهة عقائدية طبق قوانين الاثبات ، يعني أن قضايا الموت والمعاد التي نوقشت في هذين العلمين - وإن اختلف الحجم الكمي للمسائل أو الأسلوب الاستدلالي وطريقته - ولكنهما حصرا البحث بمقدار ما يرتبط بالاثبات أو النفي لما يراد معرفته ، أو بما يتعلق بالعقيدة الاسلامية . أما الفكر العرفاني الاسلامي فقد ركز اهتماماته على مسائل الموت والمعاد باعتبار أن بها يتحقق الوصول إلى وطن سلوك العارفين [1] ، وأن الموت وما بعده
[1] الوطن عند العرفاء هو محل هبوط الحقيقة التي تهوي إليها النفوس الكلية ، وهو دار هجرة السالكين في طي منازل السلوك وأعظمها هجرتهم من وجودهم الاعتباري والرحيل إلى الوطن الحقيقي فيكون بالله بعد أن يفنى في الله تعالى .
18
نام کتاب : منازل الآخرة والمطالب الفاخرة نویسنده : الشيخ عباس القمي جلد : 1 صفحه : 18