رعاية للمراتب واعتبارا لأحكامها النسبية والتقديرية . وإذا تقرر هذا فنقول : للعلوم بهذا الاعتبار غايات : فمنها ما غايته العمل ، لتوقف كماله عليه ، ومنها ما كماله الغائي في معرفة متعلقة وتحقق احكامه ونسبه - تحققا علميا فقط - لكن لشمول حكمه وسريان اثره يستلزم عملا ، فانضياف العمل إلى مثل هذا العلم هو من باب شمول الحكم ، لا ان له موجبا اخر ، وهذا نسبة أكملية ذاتية ، لا كمالية مقصودة ، وسنبسط هذا الأصل بلسان بعض فروعه . فنقول : العلم لا بد له من متعلق ، ومتعلقات العلم تنحصر فيما ذكره من الأقسام ، وهو اما ان يكون علما بما ليس لنا فيه اثر وجودي أو بالعكس ، فالأول هو الذي ليس غايته العمل ، كعلمنا بوجود الله ووحدته وامكان العالم والجنسية والنوعية والكلية والجزئية ونحو ذلك ، وهذا من القسم الذي قلنا فيه : انه وان لم يكن غايته العمل فإنه يستلزم عملا لما مر . وما غايته العمل هو الثاني ، فهو المراد لا لنفسه ، كمعرفة الأحكام الإلهية والأعمال المشروعة والأخلاق على اختلاف صورها وأنواعها ، ليرتكب منها ما يجب وينبغي ارتكابه ويجتنب ما يجب وينبغي اجتنابه . وهذا القسم انما يراد لكونه وسيلة لما هو أشرف منه - بخلاف الأول - فإنه أشرف ، لأنه مطلوب لذاته ومتعلقه ، وهو الحق سبحانه وحقائق أسمائه الذاتية وصفاته العزيزة العلية ، فشرفه فيه . وهذا القسم الثاني ليس كذلك ، وان شئت ان احصر لك متعلقات مطلق العلم بطريق آخر فعلت . فأقول : كل ما يتعلق به مطلق العلم على كل تقدير لا يخرج عن هذا التقسيم ، وهو انه اما ان يكون أمرا واجبا حصوله في المادة أو ممتنعا عليه ذلك ، أو تارة يحصل في المادة وتارة يتجرد عنها ، والواجب حصوله في المادة اما واجب الحصول في المادة - أي مادة كانت من غير تعيين - أو يجب حصوله في مادة معينة ، فالمختص بمسمى المادة مطلقا من غير تعيين هو العلم المتعلق بالمقادير ، والكفيل ببيانه عند علماء الرسوم العلم الرياضي ،