انصبغ به العلم من الاحكام والأوصاف سرى حكمه فيما هو تابع له أو فروع عنه . ثم ارجع وأقول : وإن كان متعلق العلم الحاصل هو الله سبحانه وتعالى من حيث باطن وهويته بالتفسير السابق ، فلا يخلوا ما ان يكون صاحبه عارفا بمرتبة الاسم الظاهر على مذهب أهل البصائر على ما ذكر ، بمعنى انه عرف الحق من حيث تجليه في حقائق العالم ، كشف له ان وراء ما أدرك من التجليات الظاهرة أمرا اخر إليه ترجع احكام هذه التجليات والصور المشهودة ، أو [1] لم يعرف هذا الأصل ، فإن كان من أصحاب هذه المعرفة ، فلا بد له عن شهوده كل ما يشهده من صور الموجودات حال التجلي والكشف وتيقنه ، إذ ذاك [2] ان [3] جميعها مظاهر لله تعالى ومجال له سبحانه ان يصير حاضرا في ذلك الحال أو مستحضرا للحقيقة الإلهية الغيبية التي - يستند إليها جميع ما ظهر - مع استصحاب حكم هذا القيد المتجدد - فهذا أيضا عمل لازم لهذا العلم المذكور . ثم نقول : وان لم يكن من أهل هذه المعرفة من هذا الوجه المذكور ، بل علمه بباطن الحق انما هو بحسب ما تعطيه القوة النظرية ، فإنه لا يخلو هذا العلم الحاصل له - كما قلنا - اما ان يفيد في جانب الحق سبحانه حكما سلبيا أو ايجابيا ، وأيهما كان فإنه لا بد لصاحبه في بعض الأوقات أو كلها من توجه نحو الحق أو عبادة له أو حضور معه أو استحضار ، وأي ذلك كان فلا بد من أن يكون توجه صاحب هذا الحال نحو الحق وعبادته مخالفا لتوجهه قبل تجليه بهذا العلم - وكذا حضوره أيضا ونحوهما - وذلك لإفادة هذا العلم إياه في الحق أمرا لم يعلمه من قبل ، اما سلب ما كان يعتقد ثبوته أو إثبات ما كان يعتقد انتفائه عن الحق تعالى فيصير توجهه إليه تعالى وعبادته له وحضوره معه منصبغا بحكم أحد القيدين ، وهم السلب والايجاب ، والا لتساوى حصول هذا العلم وعدم حصوله في الحكم وانه محال . فهذا إذ توجه متجدد صحبه حكم لم يكن من قبل ، وهو العمل المختص بذلك العلم . وهكذا الامر في كل مسألة - تحصل له من العلم بالله ، إذ لا يخلو كل ما يحصل من
[1] - هو عطف على عارفا - ش [2] - أي انكشف - ش [3] - بالفتح مفعول تيقنه - ش ذاك الكشف ان - ط