الحقائق الكونية القابلة ، ليس لاختلاف الوجود في نفسه ، ولا لان ثمة وجودات كثيرة مختلفة بالحقائق ، فإنه ما ثم الا وجود واحد ظهر بسبب اختلاف حقائق القوابل مختلفا ومتكثرا متعددا ، مع أنه في نفسه من حيث تجرده عن المظاهر لا يتعدد ولا يتكثر . وهذا الأثر المذكور دائم الظهور عن غيب ذات الحق - كما مر - وهو المسمى بالتجلي الساري في حقائق العالم علوا وسفلا - على حسب الترتيب الواقع - وهو لمعبر عنه أيضا بالفيض والامداد الإلهي ، المقتضى قوام العالم وبقائه ، وسأنبهك على أكبر أسباب البقاء وسبب النفاد بتلويح مختصر . فأقول : ليعلم ان للحقائق الكونية والمراتب الأسمائية ونسبها في ما بينها بأجمعها تناسبا وتنافرا ذاتيا غير مجعول . فالتناسب يستدعى ظهور حكم الجمع الاحدى الاسمائي الإلهي المذكور من قبل ، فيسمى ذلك الظهور في مرتبة تلك الحقيقة الكونية - أي حقيقة كانت من حقائق الممكنات - وجودا معينا يلازمه البقاء بحسب التناسب ، المبقى صورة الاجتماع ، المستلزم ظهور حكم الجمع الاحدى المذكور ، ولكن بموجب حكم المرتبة التي حصل فيها ذلك الاجتماع ، اما بين الاجزاء واما بين جملة من الحقائق ، حتى ظهر بواسطة ذلك الاجتماع سر التجلي الجمعي المذكور ، كظهور السواد حال اجتماع الزاج والعفص والماء ، وظهور العناصر باجتماع حقائقها الأربع التي هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، ووقوع ذلك الاجتماع أولا في مراتب كلية ، لكون الاجتماع واقعا بين حقائق غيبية ، فيقال لصورة ذلك الاجتماع وما ظهر به من سر التجلي الوجودي المذكور : ماء ونار وهواء وارض ، ويقال لما وقع من صورة الاجتماع في المراتب التالية لهذه الكلية : معدن ونبات وحيوان . وكل ما تنزلت صور الاجتماع في المراتب الجزئية وبرزت احكام الكثرة المتفرعة عن الحكم الاحدى ، انتشت الأسماء والأحوال والكيفيات ، واختلفت التشخصات لاختلاف