إذا لمح تعين وجوده مقيدا بالصفات اللازمة لكل متعين من الأعيان الممكنة التي هي في الحقيقة نسب علمه جمعا وفرادى وما يتبع تلك الصفات من الأمور المسماة شئونا ، وخواص وعوارض والآثار التابعة لاحكام الاسم الدهر المسماة تلك أوقاتا ، والمراتب والمواطن ، فان ذلك التعين والتشخص يسمى خلقا وسوى - كما ستعرف سره عن قريب إن شاء الله - وينضاف إليه سبحانه ، إذ ذاك كل وصف ويسمى بكل اسم ويقبل كل حكم ويتقيد في كل مقام بكل رسم ويدرك بكل مشعر من بصر وسمع وعقل وفهم وغير ذلك من المدارك والقوى ، فاذكر واعلم . وذلك لسريانه تعالى في كل شئ بنوره الذاتي المقدس عن التجزئ والانقسام والحلول في الأرواح والأجسام ، فافهم . ولكن كل ذلك متى أحب وكيف شاء وهو في كل وقت وحال هو القابل لهذين الحكمي الكليين المذكورين المتضادين بذاته لا بأمر زائد ، والجامع [1] بين كل أمرين مختلفين من غائب وحاضر وصادر ووارد ، إذا شاء ظهر في كل صورة وان لم يشأ لا تنضاف إليه صورة . لا يقدح تعينه وتشخصه بصورة واتصافه بصفاتها في كمال وجوده وعزته وقدسه ، ولا تنافى ظهوره في الأشياء واظهار تعينه وتقيده بها وباحكامها ، علوه [2] واطلاقه عن القيود وغناه بذاته عن جميع ما وصف بالوجود ، بل هو سبحانه وتعالى الجامع بين ما تماثل من الحقائق وتخالف فتألف ، وبين ما تنافر وتباين فتخلف . وبتجليه الوجودي ظهرت الخفيات وتنزلت من الغيب إلى الشهادة البركات من حيث أسمائه الباسط والمبدئ ، وبارتفاع حكم تدليه تخفى وتنعدم الموجودات باسميه القابض
[1] - عطف على القابل - ق [2] - بالنصب ، مفعول قوله : لا تنافى - ش