أنوارك - أنعاما منك عليه بشفاعة المرتبة والنسب المجهول القديم - وقد قبلها برابطة رقيقتك المتصلة به التي هي سبب حياته ، فيغدو وشاطحا [1] بها عليك ، مستبعدا من استعدادك قبول ذلك أو بعضه من الحق بواسطته لكماله في زعمه ونقصك . ويستحقر بالنزر عن عطاياك له عظيم ما تحوى عليه خزائن ملكك ويد قدرتك ، لفرط بعدك عنه في عليا مجدك - مع غاية قربك - . يستكثر في حقك اليسير من قليل ما خولته ورشحت به من نوالك ومنحته ، تبكى له وقتا شفقة عليه باطنا ، وهو يسخر منك ويستهزئ بك ظاهرا ، تسعى في نجاح مقاصده ومحا به فيما بينك وبين ربك ويتخذك عدوا ولا يشعر ، وتسوق إليه حتفه في وقت من حيث لا يحتسب أو تحول بينه وبين مراده ، فلا يدرى - وقد يشكر - يؤمن بك وهما ويودك ، ويكفر بك عينا ووجودا فيبغضك ويسبك ، فأنت واجب عنده من حيث الحكاية والوهم ، ومستحيل من حيث المشاهدة والحكم ، ينازعك بك لك ، وهو يزعم أنه قد انتصر عليك ، وينصر نفسه بك من حيث كينونته في دائرتك ، فيظن انه قد جاء بالنصر إليك ، وانه قد أعان ونصر وتفضل وجاد وما قصر ، وأنت في كل هذا ثابت مكين وخازن امين ، قد تدرعت بدرع الستر والتقوى وتسربلت بسربال الأدب والحياء ، متحققا بربك متنزها عن التقيد بوصفه أو وصفك ، راسخ القدم في مقام التمكين ، متبع ربه في شؤونه بالتنوع والتلوين ، لا طلب ولا قصد ولا اخذ ولا رد ولا غيبة ولا حضور ولا حزن ولا سرور ، تبكى على المحجوب مرة وتضحك أخرى ، وتتنزه عن الامرين بل عن كل متقابلين بحكم منزلتك الكبرى . وتستحضر أيضا قوله صلى الله عليه وآله : ليس شخص اصبر على اذى من الله ، فتراك مظهر هذا الشخص العلى السليم ، كما أنه ليس شخص أتم لذة منك لما تشهده في حضرة ربك من عز سلطان مقامك الكريم .