من كل وصف ، فلا تعين ولا إشارة ولا حكم ، والوجه الاخر يسرى في حضرة الجمع العمائي فيقضى بانبعاث ما انبعث من الأسماء والصفات والنسب والإضافات والأعيان الممكنة والمدرك من الموجودات . وان لم يكن الانسان من الكمل ، فأول مراتبه الوجودية ما يتحصص له من صورة العماء من حيث النسبة التي ينتهى إليها امره وحاله بعد استقرار أهل الدارين في منازلهم - كما سبق التنبيه عليه - . والآخرية أيضا تعلم من الأولية ، فان الخاتمة عين السابقة ، وكل اخر في الحقيقة عين أوله ، واما الدرجات التي يستقر فيها الخلق في الدارين بعد التمييز الأخير ، فليست غير مراتب أولياتهم التي تحققت نسبتهم إليها حال التوجه والتعين الإرادي ، ودخول كل منهم تحت حكم الاسم الإلهي الذي تولاهم لما تعين بهم ، إذ بالموجودات تتعين الأسماء ، كما أن بالأسماء يتعين لكل موجود نسبة مربوبيته وما يخصه من مطلق الربوبية ، فدرجة كل انسان في النار أو في الجنة ومنزلته هي عين نسبة مربوبيته المرتبطة بأحد احكام النسبة الربية . وهنا دقيقة تختص بالكمل وهى : ان الكمل لا يستقر منهم في الجنان الا ما يناسبها منهم ، إذ الجنة لا تسع انسانا كاملا ولا غير الجنة من العوالم أيضا ، بل المقيم من الكامل في الجنان ما يناسب المراتب الجنانية ، إذ الكامل من سنخ الحضرة ولا عجب ان يكون العبد على خلق مولاه والمولى غير متحيز ولا متقيد بمكان دون غيره ، وكيف وهو مع كل شئ ومحيط بكل شئ وقد وسع كل شئ رحمة وعلما ، ورحمته ووجوده وعلمه وحيطته لا يتعدد في حضرة أحديته ، فافهم . فللكامل حقائق لا تناسب الجنة ، وله ما لا يناسب النار أيضا ، ولا موطنا بعينه - مع ارتباطه ومناسبته الذاتية المرتبية بكل شئ في نفس اعتلائه ونزاهته واطلاقه عن كل صورة ونشأة وموطن ومقام وحضرة - هذا وان لم يخل عالم ولا حضرة ولا موطن من مظهر يختص بالكامل ، وبذلك المظهر الكمالي المتصل به يبقى حكم تصرفه