من كونه انسانا ولم يحصله بوهب أو كسب فيما أمكن التكسب فيه ، بقى في أسفل سافلين ، و يكون انتقاله وسيره فيما قدر له المرور عليه من المواطن وتلبسه بالصفات والأحوال بحسب ما أودع الله تعالى في تلك المواطن والعوالم من الخواص ، وبحسب خواص نشأته واثارها فيه ، وهو في كل ذلك لا يعلم فيما ذا ينقلب ، ولا ما يؤل إليه امره ، ويكون كماله المختص به في هذا الموطن الدنياوي ما انتهى إليه في اخر نفسه عند الموت ، وسيلوح ببعض سره فيما بعد إن شاء الله . فالامر دائرة والسير دوري - لا خطى - فمن قدر له اتمامها ، تم له السلوك وكمل وابتدأ ينشئ بسيره دورة الهية أخرى ، مبدئها من حين رؤيته الأشياء بالله ومعرفته بالوجود الواحد الحق بعد الشهود ، وهذا أول درجات الولاية وأول مقام المعرفة الثانية بتقابل النسختين . وأصحاب السلوك فيما ذكرنا على طبقات بحسب سيرهم ومقاماتهم وعناية الحق بهم فيما يتقلبون فيه ، إذ لكل مرتبة أول ووسط واخر ، ولكل مما ذكرنا أهل ، واخر المقامات متصل بأول مقام الكمال المقصود هنا ايضاح احكامه وآياته وأربابه . وأهل الدرجة الأولى من مقام الكمال من كان الحق سمعه وبصره - كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله - وأوسطه من كان الحق يسمع به ويبصر وينطق ، وإليه الإشارة بقوله : ان الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده . واخر درجات الكمال المتعينة والممكن الذكر بالتنبيه التمحض والتشكيك ، لسر الجمع الاعتدالي الوسطى والخروج عن حكم التعينات والتنبيه عليها بالإشارات ، فلسان التمحض : ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم ( 10 - الفتح )