ولهذا العلم المنبه على سره في المظهر الذي شأنه ما ذكرنا خواص عزيزة : منها معرفته بالله في حال افتراق اجزاء جسد ، أمورا يثبت بها شرفه وتقريبه ، وتمكنه أيضا من تدبير اجزائه الجسمانية قبل اجتماعها وقبل تعين الروح بهذا المزاج وبحسبه على ما هو مذهب المحققين . فان قلت : فكيف يتصف بالعلم من لم يتعين بعد ؟ فنقول : اعلم أن أرواح الكمل وان سميت جزئية بالاعتبار العام المشترك ، فان منها ما هو كلي الوصف والذات ، فيتصف بالعلم وغيره قبل تعينه بهذا المزاج العنصري من حيث تعينه بنفس تعين الروح الإلهي الأصلي وفي مرتبة النفس الكلية ، فيكون نفس تعين الروح الإلهي بمظهره القدسي تعينا له ، فيشارك الروح الإلهي في معرفة ما شاء الله ان يعرفه من علومه على مقدار سعة دائرة مرتبته التي يظهر تحققه بها في اخر امره . ثم يتعين هو في كل مرتبة وعالم يمر عليها إلى حين اتصاله بهذه النشأة العنصرية تعينا يقتضيه حكم الروح الأصلي الإلهي في ذلك العالم وتلك المرتبة ، فيعلم حالتئذ مما يعلمه الروح الإلهي ما شاء الله على ما سبق التنبيه عليه ، فافهم هذا ، فإنه من أجل الاسرار ، ومتى كشفته عرفت سر قوله صلى الله عليه وآله : كنت نبيا وادم بين الماء والطين . وسر قول ذي النون رضي الله عنه - وقد سئل عن ميثاق الست هل تذكره ؟ - فقال : كأنه الان في اذنى ، وقول السيد الاخر من المحققين - وقد سئل أيضا عن هذا السر - فقال : مستقر بالعهد الست هذا الميثاق بالأمس كان ، وأشار إلى معرفة حضرات أخرى ومواثيق قبل الست . ورأيت من يستحضر قبل ميثاق الست ستة مواطن أخرى ميثاقية ، فذكرت ذلك لشيخنا رضي الله عنه فقال : ان قصد القائل بالحضرات الستة - التي عرفها قبل ميثاق الست - الكليات فمسلم ، واما ان أراد جملة الحضرات الميثاقية التي قبل الست فهي أكثر من هذا ، فنبه بهذا وغيره في ذلك المجلس وسواه انه يستحضر قبل الست مواطن جمة ويستثبت الحال فيها ، فاعلم ذلك تلمح جملة من الاسرار الانسانية الكمالية الإلهية إن شاء الله .