« هذا بعض من أسرار الحكم وعلل الشرائع أردنا نضدها في أسرار الحكم بحول اللَّه وقوّته ، وبعض آخر من الأسرار في أبواب أخر من الفقه أتينا بها في كتاب النبراس ، من أراد فليراجع إليه ، وبعض الفقهاء رضوان اللَّه تعالى عليهم أيضا كتبوا في أسرار العبادات ، ولعلّ هذا الفقير إلى اللَّه الغنى أكثر ما أتى به هو المطالب البرهانيّة والذوقيّات العيانيّة ، كل ميسّر لما خلق له . » . وتأريخ تأليف أسرار الحكم سنة 1286 ق على ما صرّح به المؤلف في آخره ، وبما أن المؤلَّف ارتحل إلى الدار الباقي سنة 1289 ق ، فكتاب أسرار الحكم من التأليفات التي صنّفها في أواخر عمره الشريف ، يعني ثلاث سنوات قبل وفاته - قده - ويظهر أنّ النبراس أقدم تأليفا منه ، فالكتاب مؤلَّف قبل هذه السنة . اختصاصات الكتاب : 1 - الإيجاز : لم يقصد المؤلف في هذا الكتاب التفصيل ، وإنّما أراد الإيجاز ، واكتفى بالإشارة وفتح الطريق على القاري ، لينحو نحو التدبّر في الأسرار ولا يبقى في جمود الظواهر من الأعمال بلا توجّه إلى البواطن والمقصود من الرياضات الشرعية . ولذلك تراه لم يتعرّض من أبواب الفقه إلا للعبادات المشهورة - الصلاة والزكاة والصوم والحجّ - ومن أبواب المعاملات لم يذكر إلا باب النكاح فقط . ولا يتعرّض في الأبواب المذكورة أيضا إلا للمسائل الأوّلية والمعروفة من كلّ باب ، مجتنبا عن ذكر الفروع المختلفة والمسائل المختلف فيها الفتاوي بين الفقهاء . وكذا في ذكر الأسرار أيضا ينحو نحو الإجمال ولا يميل إلى التفصيل ، وتراه لما خرج عن هذا السياق عند ذكر أسرار أحكام التخلَّي قليلا اعتذر وقال ( ص 84 ) : « ولقد كدت أخرج عن طريق الاختصار وأنا ملتزمة » . 2 - الالتزام بحفظ الظواهر والتجنّب عن الانحياز إلى الباطنيّة والتأويل فقط ، فلا يميل عن الظاهر أبدا ولا يسقطه ، إلا أنّه يحثّ إلى التدبّر وفهم المسائل مستمدّا من الظاهر وعبورا منه ، فمثلا في باب واجبات الإحرام ( ص 283 ) : « وكحملنا في قوله تعالى : * ( ولَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَ