نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 726
وما بينهما مشترك بين الحق والعبد . قال - رضي الله عنه - : « ولمّا كانت مناجاة » يعني الصلاة « فهي ذكر ، ومن ذكر الحق ، فقد جالس الحق ، وجالسة الحق ، فإنّه صحّ في الخبر الإلهي أنّه قال : أنا جليس من ذكرني . ومن جالس من ذكره - وهو دو بصر [1] - رأى جليسه ، فهذه مشاهدة ورؤية ، فإن لم يكن ذا بصر ، لم يره ، فمن هنا يعلم المصلَّي رتبته ، هل يرى الحق هذه الرؤية في الصلاة أم لا ؟ فإن لم يره ، فليعبده بالإيمان كأنّه يراه ، فيخيّله في قبلته عند مناجاته ، ويلقي السمع لما يرد به عليه [ من ] الحق ، فإن كان إماما لعالمه الخاصّ به وللملائكة المصلَّين معه ، فإنّ كلّ مصلّ فهو إمام بلا شكّ ، فإنّ الملائكة يصلَّون خلف العبد إذا صلَّى وحده ، كما ورد في الخبر - فقد حصل له رتبة الرسول في الصلاة - وهي النيابة عن الله - إذا قال : سمع الله لمن حمده ، فيخبر نفسه ومن خلفه بأنّ الله قد سمعه ، فتقول الملائكة والحاضرون : ربّنا لك الحمد ، فإنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده ، فانظر علوّ رتبة الصلاة والى أين تنتهي بصاحبها ، فمن لم يحصّل درجة الرؤية في الصلاة ، فما بلغ غايتها ، ولا كان له فيها قرّة عين ، لأنّه لم ير من يناجيه ، فإن لم يسمع ما يرد [ من ] الحق عليه فيها ، فما هو ممّن ألقى السمع ، ومن لم يحضر فيها مع ربّه مع كونه لم يسمع ولم ير ، فليس بمصلّ أصلا ، ولا هو ممّن ألقى السمع وهو شهيد » . قال العبد : الرؤية والشهود والسماع من العبد المصلَّي للحق ، قد تكون ببصر الإيمان ، وقد تكون ببصر البصيرة والفهم ، وقد تكون بالرؤية البصرية ، فيتمثّل الحق متجلَّيا مشهودا له ، قاسما للصلاة بينه وبين عبده ، وقد يجمع هذه كلَّها للعبد الكامل أو الفرد النادر ، وقد ينفرد كلّ واحد منها بواحد واحد منها ، وهكذا في السمع ، والذي يجمع له بين الكلّ فهو أكمل الكلّ . قال - رضي الله عنه - : « وما ثمّ عبادة تمنع من التصرّف في غيرها - ما دامت - سوى الصلاة ، وذكر الله [ فيها ] أكبر ما فيها لما [2] تشتمل عليه من أقوال وأفعال ، وقد ذكرنا
[1] في بعض النسخ : وهو ذو بصر حديد . [2] أي ممّا .
726
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 726