نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 724
العالم خبيثا وما يكون بعض الأمور طيّبا أو خبيثا عند الحق فذلك من حيث تعيّنه في مرتبة ما ، فيطيب له ما يشاكل الحال والوصف والنعت الخصيص بتلك المرتبة ، وتكره أيضا كذلك من حيث هي ما يضارّها ويناقضها ويباينها وينافيها لا غير ، والكل - من حيث هو هو - طيّب له وعنده ، وهو عند الكلّ طيّب كلَّه ، كما مرّ . قال - رضي الله عنه - : « ورحمة الله في الخبيث والطيّب » يعني بالنسبة والإضافة . قال - رضي الله عنه - : « [ والخبيث ] عند نفسه طيّب ، والطيب عنده خبيث ، فما ثمّ شيء طيّب إلَّا وهو من وجه في حقّ مزاج ما خبيث ، وكذلك بالعكس . وأمّا الثالثة التي بها كملت الفردية فالصلاة ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » لأنّها مشاهدة » . يعني - رضي الله عنه - أنّ قرّة عين الحبيب بمشاهدة الحبيب . قال - رضي الله عنه - : « وذلك لأنّها مناجاة بين الله وبين عبده » يعني الصلاة « كما قال : * ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) * [1] وهي عبادة مقسومة بين الله وبين عبده بنصفين ، فنصفها لله ونصفها للعبد ، كما ورد في الخبر الصحيح عن الله - تعالى - : أنّه قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد : * ( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) * [2] يقول الله : ذكرني عبدي . يقول العبد : * ( الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) * يقول الله : حمدني عبدي . يقول العبد : * ( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) * يقول الله : أثنى عليّ عبدي . يقول العبد : * ( مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) * يقول الله : فوّض إليّ عبدي ، فهذا النصف كلَّه لله - تعالى - خالص . ثم يقول العبد : * ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) * يقول الله : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فأوقع الاشتراك في هذه الآية . يقول العبد : * ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) * السورة يقول الله : هؤلاء لعبدي ، ولعبدي ما سأل ، فخلص هؤلاء لعبده ، كما خلص