نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 686
هو الإلهام الإلهي من أصل الوحي يحصل من أقاصي القوى النفسانية الذي يرد على بعض النفوس الكاملة عناية من الله ، ولذلك الشخص كانت صورة القوّة الملهمة بأمره وإذنه . وأمّا توجّهه تلقاء مدين فهو نظير إعراض الروح عن قوى الهوى التي آل فرعون صورة نظائرهم ، وتوجّهه بمقتضى القوى العقلية والعقدة الإيمانية النقلية إلى مدين وهو صورة الهيئة الاجتماعية بين خصائص القوى الروحية الإلهية وبين القوى الطبيعية الجسمانية القابلة للحقيقة القلبية التي شعيب مظهرها ، فإنّ الروح الإنسانيّ بعد تميّزه وفرقانه بين الخير والشرّ ، والمحمود والمذموم يهاجر ويطلب النجاة من غلبة القوى الشهوية والحيوانية على القوى العقلية والإيمانية ، فيعرض من الانبساط إلى القوى الظاهرة الهيكلية القابلية إلى القوى الباطنة الروحانية القلبية . وماء مدين صورة العلم المشروع للعالم في الحياة الدنيا الذي يشترك فيه أهل العموم والخصوص من القوى القابلية والقلبية . والظلّ الإلهي هو الوجود الإلهي مأوى الروح العقلي الإنساني . والشجرة التي منها الظلّ أحدية الجمع الجمعي الكمالي الإنساني روحانيّها وجسمانيّها غضبيّها وشهويّها ونفسانيّها ، فإنّها أحدية جمع كثرة متشاجرة أي متمازجة مختلطة . والجاريتان صورتا قوّة الإيمان والهمّة ، وهما من نتائج القوى القلبية الجامعة بين خصائص القوى الروحية والقوى الطبيعية ، فافهم هذه الحكم أيضا ، فإنّها من مشرب الخضر المحمّدي ، والله الموفّق . قال - رضي الله عنه - : « قال الخضر * ( هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ) * [1] ولم يقل له موسى : لا تفعل ، ولا طلب صحبته ، لعلمه بقدر الرتبة التي هو [2] فيها التي نطَّقته بالنهي عن أن يصحبه ، فسكت موسى ووقع الفراق ، فانظر إلى كمال هذين الرجلين