نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 605
وهو ميل ، وما رضي الراضي عمّن رضي عنه وهو عليه غاضب ، فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل ، وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه ، فما لهم حكم الرضي من الله ، فصحّ المقصود ، وإن كان - كما قلنا - مآل أهل النار إلى إزالة آلام [1] أهل النار ، فذلك رضى ، فزال الغضب ، لزوال الآلام ، إذ عين الغضب عين الألم ، إن فهمت » . قال العبد : الغضب والرضي إذا اتّصف الحق بأحدهما ، زال الآخر ، ولكن بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضيّ عنه معيّنين ، وإلَّا فهو بالنسبة الكلَّية الغضبيّة القهرية الجلالية أو الرضى الكلي اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ، وأمّا من حيث غناه الذاتيّ الكليّ اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ، وأمّا من حيث غناه الذاتيّ فلا يتّصف بشيء منهما ، فهو غنيّ عن العالمين ، فصحّ أنّ الميل والانحراف ليس إلَّا من قبل القابل ، لظهور حكم الرضى أو الغضب في القابل وغير القابل ، لا بالنسبة إلى الحق وإن كانت حقيقتا الرضى والغضب - الكلَّيّين الإلهيين الظاهر أحكامهما أبدا دائما في المرضيّين عنهم والمغضوبين عليهم من العالمين - ثابتتين لله ربّ العالمين على السواء ، لا يتّصف بأحدهما دون الآخر إلَّا بالنسبة والإضافة إلَّا بحسب حكم سبق الرحمة الغضب - وهو ذاتيّ - وبالنسبة الأحدية الجمعية ، فحكم الغضب والرضى المتضادّين باعتبار ما ذكرنا ، وفي صلاحية الوجود الحق الإلهي من حيث ظهوره في الأعيان والأكوان بحسب القوابل ، وظهور الميل والانحراف بحسب القابل وغير القابل ، وفي وقت دون وقت ، وبالنسبة إلى أمر دون أمر ، فافهم . قال - رضي الله عنه - : « فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بالملامة [2] إلَّا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ، والحق إذا أفردته عن العالم ، يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحدّ ، وإذا كان الحق هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلَّها إلَّا فيه ومنه ، وهو قوله :
[1] في بعض النسخ : إلى إزالة الآلام - وإن سكنوا النار - فذلك رضى . [2] في بعض النسخ : بإيلامه .
605
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 605