نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 602
[ إليها ] بتجلَّية الحبيّ الإيجادي ، فذابت حياء وتحلَّلت أجزاؤها ماء ، فكان عرشه على ذلك الماء ، قبل وجود الأرض والسماء . ولا يتوهّم أنّ هذه الدرّة أو الجوهرة هي حقيقة الجسم وجوهرته ، تكوّنت من الهيولى الرابعة التي هي الهيولى الأولى في صورة أحدية جمعية إجمالية اندمجت فيها حقيقة الأجسام كلَّها ، كالأكرة الكلَّية الكبيرة المصمتة فتجلَّى لها الرحمن ، فذابت أي تفصّلت ولاحت عليها أنوار سبحات وجه الرحمن فحلَّلتها تحليلا بخاريّا دخانيّا بعد ما كان التحليل في إشراق التجلَّي الأوّل مادّيّا [1] ، فيكون فلك الأفلاك الأطلس والعرش عليه من ذلك التحليل البخاري الأحدي الجمعي الكمالي ، فغمر الخلاء بوجوده جسما طبيعيا كلَّيا إحاطيا ملأ فضاء الخلاء المقدّر في مرتبة الإمكان ، فصلح هذا الفلك المحيط العرشي أن يكون عرشا للرحمن المحيط بنور وجديّ وتجلَّيه من خزائن وجوده ، أحاط بالموجودات كلَّها ، فلمّا ألحّ التجلَّي بإشراق على ذلك الجوهر المحلول المائي ، وتحكَّمت في أجزاء بحره المسجور حرارة التجلَّي ، فدخنت الجوهرة المحلولة - كما قلنا - بخارا أحديا جمعيّا إحاطيا ، وأحاط بمركز الجوهر الأصل في أنّها مراتب البعد ، فأحاط بالماء المذكور وطفا كما أشار إليه الشيخ . قال - رضي الله عنه - : « فهو يحفظه من تحته » أي الماء « كما أنّ الإنسان خلقه الله عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، وهو - سبحانه تعالى - مع هذا يحفظه من تحته ، بالنظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بربّه » [2] . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ العبد صورة تعيّن للوجود الحق المتجلَّي عليه والمتولَّي لإيجاده ، ثمّ التعيّن لا بدّ أن يعلو على المتعيّن به وهو الوجود الحق ، فهو مستور بالتعيّن العبدانيّ ، ولولا حفظ الوجود الحق المتعيّن به وفيه ، لانعدم ، إذ لا تحقّق للتعيّن بدون المتعيّن ، فإنّه بلا هو هالك ، فالحق يحفظ العبد من تحته . « وهو قوله عليه السّلام : « لو دلَّيتم بحبل ، لهبط على الله » فأشار إلى أنّ نسبة التحت إليه كنسبة الفوق في قوله تعالى :