نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 561
إسم الكتاب : شرح فصوص الحكم ( عدد الصفحات : 736)
الله المتعيّن بذاته في ألوهيته متقيّد عن كل تقدير بخصوصية مادّة سليمانية ، وسليمان عارف بذلك ، فلا يقدّم المقيّد على المطلق ، كما لا يتقدّم الرحيم على الرحمن ، إذ الرحمن - الموجد لسليمان والمظهر عموم حكم سلطانه على العالم - يستحقّ التقديم بالذات على من أوجده ممّن سليمان واحد منهم ولا سيّما في أوّل الكتاب أو صدره ، فهذا لا يليق بكمال سليمان عليه السّلام وعلمه ومعرفته ، حاشاه عن ذلك . قال - رضي الله عنه - : « ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها - كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ، وما عملت ذلك إلَّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ، خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلَّا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم يأمنون غائلة ذلك التصرّف ، فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم ، لصانعوه وأعظموا [1] له الرشى ، حتى يفعلوا ما يريدون ، ولا يصل ذلك إلى ملكهم ، فكان قولها : * ( أُلْقِيَ إِلَيَّ ) * [2] - ولم تسمّ من ألقاه - سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّرها [3] ، وبهذا استحقّت التقدّم عليهم » . قال العبد : كلّ هذا مشروح لا يحتاج فيه إلى مزيد بيان . قال - رضي الله عنه - : « وأمّا فضل العالم الإنسان [4] على العالم من الجنّ بأسرار التصرّف وخواصّ الأشياء فمعلوم بالقدر الزماني ، فإنّ رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ، لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منّا ، لأنّ الزمان الذي يتحرّك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلَّق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ، فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلَّقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه عن زمان عدم إدراكه ، والقيام من مقام
[1] في بعض النسخ : أعطوا . [2] النمل ( 27 ) الآية 29 . [3] في بعض النسخ : مدبّريها . [4] في بعض النسخ : العالم من الصنف الإنساني .
561
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 561