نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 556
قال - رضي الله عنه - : « فأتى سليمان بالرحمتين » يعني : في مضمون كتابه أوّلا في البسملة « رحمة الوجوب ورحمة الامتنان [1] اللتين هما الرحمن الرحيم » . يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ الرحمتين عين الاسمين في حق الحق ، لأحدية الاسم والمسمّى في ذاته . واعلم : أنّ الرحمن - كما ذكرنا - عبارة - عن الحق من كونه عين الوجود العامّ بين العالمين ، فعمّ بهذه الرحمة جميع الأسماء والحقائق ، فهي رحمة الامتنان على كل موجود لم يكن لعينه موجودا ، فأوجده الله بهذه الرحمة ، ولفظ الرحمن في وزانه [2] يقتضي العموم ، ولمّا عمّت رحمته الكلّ اقتضت أن يخصّ بعمومها كلّ عين عين من الأعيان بخصوصية ذاتية لذلك التعيّن فيرحمها برحمة يصلح لها ويصلحها ، فالرحيم فيه مبالغة لتعميم التخصيص ، وللرحمن من الرحيم تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تعميم التخصيص ، فكلّ منهما إذن في كلّ منهما . قال : « فامتنّ بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمّن ، فإنّه كتب على نفسه الرحمة ، سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه [ يستحقّ بها هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب ] » . يشير إلى قوله : * ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) * [3] ، فامتنّ على الكلّ بتعميم الرحمة ثمّ أوجبها بقوله - تعالى - : * ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) * [4] . وقوله : « سبقت رحمتي غضبي » امتنان على الكلّ أيضا بإيجاب الرحمة ، فافهم ، فإنّه ذوق نادر غريب ، هذا معنى قوله : « فدخل الرحيم في الرحمن » . وقوله : « فإنّه * ( كَتَبَ عَلى نَفْسِه ِ الرَّحْمَةَ ) * » يعني