نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 344
العلوّ الحقيقي الذاتي ، فقوله : « عمّن » إشارة إلى أنّ هذا الاسم ليس علوّه علوّ إضافة فيدخل فيه « عن » و « على » بل هو عليّ بالذات ، ليس علوّه بالمكان ولا بالمكانة النسبيّين ، إذ ليس في الوجود إلَّا الله وحده لا شريك له في الوجود ، فهو عليّ بهذا العلوّ الذاتي لا بالعلوّ الإضافي النسبي ، فهو عليّ بالذات لنفسه . ثم اعلم : أنّ الوجود الحقّ القيّوم للموجودات عينها ، فمن كونه عينها وكونها عينه ، هي أيضا عليّة بذاتها وهو الوجود الحقّ ، فإنّها مع قطع النظر عن الوجود الحقّ لا غيره ، فالموجودات بهذا الاعتبار عليّة بالذات لا علوّ إضافة ونسبية كما أنّها من حيث هي سوى الحقّ عليّة بالمكان أو بالمكانة علوّا نسبيا إضافيا ليس لها بهذا الاعتبار علوّ ذاتي . وقوله - رضي الله عنه - عن الأعيان الثابتة : « إنّها ما شمّت رائحة الوجود » إشارة إلى ما ذكرنا من العلوّ الذاتي ، من حيث إنّ أعيان الموجودات - التي لم تكن وكان الله ولم يكن معه شيء - هي على حالتها العدمية الأصلية ، فكما أنّ الحق كان ولم يكن معه شيء كذلك الأشياء على ما كانت ، كما هو الآن على ما عليه كان ، فما ثمّ إلَّا الله الواحد الأحد . قال - رضي الله عنه - : « فما في العالم من هذه الحيثية علوّ إضافة ، لكنّ الوجوه الوجودية متفاضلة ، فعلوّ الإضافة موجود في العين الواحدة من حيث الوجوه الكثيرة ، لذلك [1] يقول فيه : هو لا هو ، أنت لا أنت » . يشير - رضي الله عنه - : [ إلى ] أنّ مستند العلوّ الإضافي هو العلوّ الذاتي ، فالعلوّ للحق ذاتي من حيث أحدية العين ، ثم بحسب تغاير التعيّنات والوجوه المتفاضلة في هذه العين الواحدة يظهر العلوّ النسبي ، لتفاضل الوجوه ، ولهذا يقول الأشاعرة في الصفات : إنّها هؤلاء هو ، ويقول أهل الحجاب في العالم : إنّه لا هو ، ويقول العارفون : إنّه هو هو ، ويقول المحقّقون : إنّه هو ، لا هو ، أي يصدق عليه أنّه هو من حيث الوجود الحقّ الذي هو عين الكلّ ، ويصدق عليه أنّه لا هو من حيث الكثرة والعدد التعيّني ، فإنّه