responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 340


قال العبد : العلوّ حقيقة نسبية للعالي والعليّ كالرفعة للرفيع ، وهي على قسمين :
حقيقيّة لمن هي منسوبة إليه أو إضافية ، وإن كانت هي في عينها وحقيقتها نسبة ولكنّها قد تكون ذاتية حقيقية كالعلوّ الإلهي الذاتي على ما سنذكر في موضعه ، إن شاء الله تعالى . وقد تكون إضافية ، والإضافية على وجهين :
علوّ بالنسبة إلى المكان العالي كالمتمكَّنات الكائنة أعالي الأمكنة ، أو الكائنات المتمكَّنة في الأماكن العالية كالصور الطبيعية العالية العرشية ، ثم الصور الفلكية التي حول الكرسي وفيه ، وهذا النوع من العلوّ المكاني معلوم عرفا وعقلا وشرعا ، والذي ذكره الشيخ - رضي الله عنه - من علوّ المكان على مقتضى التحقيق الكشفي هو لفلك الأفلاك الحقيقي الكشفي لا المشهور العرفي المتداول في عرف المتفلسفة ، فإنّ فلك الأفلاك عند حكماء الرسوم هو الأطلس الذي فوق الأمكنة كلَّها محيط بها ، وهو ظاهر .
ولكنّ ثمّ سرّا عليّا وتحقيقا إلَّيّا ، وذلك كما ذكرنا أنّ العلوّ الحقيقيّ هو الذاتي ، فإن كان مكان من الأماكن ، له مكانة ذاتية كفلك الشمس - الذي مكانه الوسطية التي إليها نسبة جميع الأماكن ، على السواء كالمركز نسبة كلّ جزء من أجزاء المحيط إليه على السواء - فكان إذن لهذا المكان علوّ ذاتي على سائر الأماكن ومزية مرتبة ، فهو إذن أعلى الأمكنة والأماكن ، وكذلك للفلك الأطلس - من حيث إحاطته بالكلّ - والعرش والكرسيّ من حيث المستوي والمتدلَّي ، ولكنّها نسبية إضافية ، وكالفلك الوسطيّ القطبي الشمسي الرابع عرفا والثامن تحقيقا من فوقه ومن تحته ، فإنّ فوقه سبعة وتحته سبعة وهو الثامن من كلّ جهة ، فلهذا المكان المكانة الزلفى والإحاطة المعنوية العليا ، وفيه عرش الإلهية من نور اللاهوت ، والحياة والجود ، ومنها تنفهق الأنوار وتنبعث الأضواء ، علوا وسفلا فاستحقّ هذا الفلك في مشرب التحقيق أن يكون فلك الأفلاك والعلوّ المذكور في إدريس عليه السّلام هو علوّ المكان في قوله - تعالى - : * ( وَرَفَعْناه ُ مَكاناً عَلِيًّا ) * [1] وفي هذا المكان روح إدريس بما تروحن من جسده الشريف عليه السّلام .
وأمّا علوّ المكانة مطلقا فهو للمحمّديّين من قوله - تعالى - : * ( وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ ) * [2] .



[1] مريم ( 19 ) الآية 57 .
[2] محمد ( 47 ) الآية 35 .

340

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي    جلد : 1  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست