نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 314
قال - رضي الله عنه - : « وهو في المحمّديين * ( وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه ِ ) * [1] أي من المال الذي ملت بكم إليّ فيه من حيث أعلم ، وملتم أنتم إليه في بفكركم ، فميلوا إلي فيه بها بالاتفاق على الأنفاق . قال - رضي الله عنه : « وفي نوح * ( أَلَّا تَتَّخِذُوا من دُونِي وَكِيلًا ) * [2] ، فأثبت الملك لهم والوكالة لله فيه ، فهم [3] مستخلفون فيهم ، فالملك لله ، وهو وكيلهم ، فالملك لهم وذلك ملك الاستخلاف » . قال العبد : شهود أهل الجحود يقتضي إثبات الملك لهم حقيقة ، وشاهد الحال يقضي بذلك لهم بمقتضى مشهودهم ومعهودهم ، وفي الحقيقة هم لله ، فهم مستخلفون من الله في أنفسهم بحسب ظنونهم ، إذ هو الظاهر بهم وفيهم ، فغلب عليهم الحال ، وتاهوا في تيه الضلال ، من حجابيّات ظنونهم ونيّاتهم وظلمات إنيّاتهم ، فحجبوا عن الحقّ المالك لهم وما في ملكتهم بتمليكه ، وهو مليكهم ومليك الممالك ومالك الملك والملكوت ، وله المالكيّة والملكيّة بالحقيقة على الإطلاق والاستحقاق ، ولم يعلموا أنّهم في مالكيّتهم لأملاكهم وفي أنفسهم مستخلفون ، وكذلك في أموالهم وولدهم ، وأنّ ذلك بتمليك الحقّ لهم من كونه عينهم لا من حيث أنفسهم عندهم من حجابيّاتهم ، ولو فهموا ذلك من دعاة الجمع ، في عالم الفرق والصدع ، وأنّ الملك والملك للمليك المقتدر الذي له الملك والملكوت بالأصالة ، ولهم - من حيث إنّه فيهم أعيانهم - بالتمليك والإيالة والإنالة ، على ما تقتضيه حقيقة أحدية جمع اللاهوت من الاستخلاف والأدلة ، وأن لا بقاء لهم ولما في أيديهم إلَّا منه وبه ، ولما كان الكلّ بالأصالة ، وأنّ البقاء لله وحده ، ولا شيء بعده ، لكان الحق لهم في هذا الشهود ملك الملك ، فلم يزل ملكهم إلى الأبد ، ومتّعهم الله به في أعيانهم وبنيهم وأموالهم وأوطانهم إلى حين وأمد . والله على ما يشاء قدير .
[1] الحديد ( 57 ) الآية 7 . [2] الإسراء ( 17 ) الآية 2 . [3] في بعض النسخ : فهم مستخلفون فيه .
314
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 314