نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 305
وقال ، وبهتوا في النور عن الضلال والاستظلال ، فقال كما قال عنه - سلام الله عليه - : * ( إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً ) * [1] . « وذكر عن قومه أنّهم تصامموا عن دعوته لعلمهم بما يجب عليهم من إجابة دعوته » . قال العبد : فلمّا لم يفهموا عنه لسانه ، ولكنّهم علموا من حيث لا يشعرون شأنه ، عدل نوح عنهم إلى ربّه ، فقال بلسان سرّه وقلبه : * ( إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي ) * ليالي الغيب وهم في غيبة عن عينهم العينيّ ، وحضور من شهود نورك العيني الغيبيّ ، فلم يجيبوا إلى عبادة وحدانيتك ، وهاموا في كثرة تنوّعات تجلَّيات نورانيتك ، في ملابس حجب ظلمانيّتك ، واشتغلوا بنادية ما استعلوا بعباداتهم من الصور الأسمائية التعيينيّة ، وحجابيّات الكثرة الصنميّة من عزّاهم ولاتهم . * ( ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ) * [2] في عالم الشهادة إلى شهود الوحدانية نهارا ، والأحدية الجمعية عنهم مستورة سترا لا يقبل الشهود والظهور بالنسبة [ إلى ] أن استغرقوا في شهود الكثرة والعدد ، واستهلاك أحدية نور التجلَّي في ظلمة ما يتعدّد ، فلم يصدّقوا حجّتي ، وصرفوا عن قصد محجّتي ، ولم يجيبوا إلى دعوتي * ( فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً ) * وأخذ بأسماعهم صمم الصلابة والغشاوة عن استماع ندائي ودعوتي ، وعقل ألسنة عقولهم عن الإقرار والإجابة لدعوتي ، ما سمعوا من الكلام الجهر الذاتي الإلهي بلا واسطة ثبوتي . * ( وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ ) * ذنوبهم في عصيانهم وطغيانهم ، * ( جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ ) * - وهي صور نعمك الجزوية الوجودية ، وأيادي أسمائك الفرعية الشهودية ، ومواهبك التفصيلية الجودية ، في محالّ استمتاع ما أدعوهم إليه من نعم المعاني الأحدية الجمعية - وتظاهروا بملابس نعم الجود ، الظاهر الموجود * ( وَاسْتَغْشَوْا ) * خلع الكشف الحجابي والشهود ، واحتجّوا - فيما احتجبوا من الحجاب ، واستغشوا ظاهرا بصور الثياب - بأنّهم مغمورون بنور التجلَّي ، ومعمورون بما يتمكَّن لهم من التمتّع والتملَّي ، * ( وَأَصَرُّوا ) * على إلهتهم ، وصبروا على آلهتهم * ( وَاسْتَكْبَرُوا